الكارست مجال طبيعي يتميز بهيدروغرافية وهيدرولوجية خاصة، ونوع خاص من التشكيل المرتبط بآلية الإذابة. وهو مجال يغيب فيه الجريان السطحي لفائدة الجريان الباطني (كهوف؛ منخفضات مغلقة)، ونجد به تضاريس فريدة بنوعها (كالحزوز؛ البالوعات)، وتهم الكرستة الصخور التبخارية والكربوناتية والملحية وكل الصخور القابلة للتحلل. كما تشكل الصخور الكربوناتية 20% من الأراضي المنكشفة في العالم، حيث تدخل الصخور القابلة للكرستة ضمن ما يعرف بالصخور الرسوبية. إذ تتميز بخاصيتين أساسيتين هما: الإذابة بواسطة الماء والنفاذية. هذه الأخيرة ترتبط أكثر بالمناطق الهضبية الكربوناتية التي تعرف تطور مجموعة من الشقوق الناتجة عن البنائية.
هي ظاهرة جيومورفولوجية في المناطق الجيرية الرطبة، حيث تتميز بعض المناطق الجيرية في الجهات المطيرة بأشكال مثالية خاصة، ويرتبط تكوين هذه الأشكال ارتباطاً وثيقاً بما ينشأ عن عمليات الإذابة من توسيع الشقوق والفواصل والكسور، ولابد أن يكون مستوى الماء الباطني أسفل السطح على عمق يسمح للمياه أن تتسرب باستمرار في العمق خلال الصخور وتسود هذه الأشكال مناطق خاصة من العالم أشهرها: منطقة الكارست في غرب يوغوسلافيا، وإقليم الكوسفى جنوب شرق الهضبة الوسطى بفرنسا، وهضبة كنتاكى في الولايات المتحدة، وشبه جزيرة يوكاتان بأمريكا الوسطى، ومنطقة البنين بانجلترا .
وهناك ظروف معينة يجب توافرها حتى يتكون المظهر الطبوغرافي الكارستي:
أن يتكون سطح المنطقة من صخر قابل للتحلل والذوبان في الماء ويفضل إن يكون هذا الصخر من الحجر الجيري وأن يكون سميكاً متماسكاً تكثر به الشقوق والفواصل وأن يكون رقيق الطبقات.
* أن يكون منسوب المياه السطحية الجوفية أوطأ من الجيري بالقدر الذي يسمح للمياه المتسربة باختراق الطبقات الجيرية ويساعد هذا على وجود أودية نهرية على مستوى أقل من مستوى الأرض المحيطة المعروفة لعمليات التحلل الكيميائي.
* أن تتمتع هذه المنطقة بكميات وفيرة من المطر.
أولاً: النظام الكارستي:
ترتبط الأشكال الكارستية في تشكيلها بوجود الماء المشبع بالغاز الفحمي Co2. وذلك بتفاعل مع صخور قابلة للكرستة، ثم عامل البنية والبنائية: أي العامل الطبوغرافي والجيولوجي.
1- العوامل المتحكمة في النظام الكارستي:
*- العوامل الجيولوجية:
تلعب العوامل الجيولوجية دوراً أساسياً في تحديد نوعية الأشكال الكارستية وأهميتها. ذلك أن نوعية الصخر تتدخل لتحدد درجة عملية الإذابة. كما تعرف العديد من هذه الأشكال توجيهاً يوازي ميل الطبقات وهذا الميل يرتبط بالحركات التكتونية.
- الصخور الكلسية والكربوناتية: الكلس عبارة عن صخور رسوبية تحتوي على نسبة كبيرة من كربونات الكالسيوم (% 50) Ca Co3. ولا نجدها خالصة إلا في حالات نادرة كتصلب الكالسيت والأراغونيت، تكون إما عبارة عن صواعد وهوابط أو مغارات. على العكس من ذلك نجد صخور كلسية صلبة مثل الأراغونايت Aragonite بالألب الفرنسي حيث أن نسبة كربونات الكالسيوم لبعض المنشورات تتراوح ما بين % 95 و % 98 من مكوناتها. وعموماً تميز الأشكال الكارستية الأكثر تنوعاً الكلس الخالص
إن الكلس ترافقه صخور كربوناتية أخرى مثل الدلوميت dolomite وهي صخور تحتوي على نسبة كبيرة مهمة من الماغنيسيوم magnesium إذ باندماجهما (الكلس والدلوميت)، نكون أمام وضعية انتقالية؛ كلس دلوميتي: الكلس؛ الكلس الترابي؛ دلوميت؛ كلس دولوميتي…. إلخ هي صخور كربوناتية حيت لا نجدها على شكل محلول إلا بوجود الغاز الكربوني، هناك أيضاً الصخور التبخارية والملحية القابلة للذوبان بواسطة الماء.
أ-الكلس الكتلي:
تكون على أشكال مصطبات ذات سمك مهم (عدة أمتار). وتكون متفرقة بواسطة ممرات تطبقية واضحة، في بعض الأحيان يغيب ويندثر التطبق في أماكن خاصة مثل الشعاب المرجانية. هذا النوع من الكلس ناتج عن الترسب البيولوجي إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
ب- الكلس المفروش والكلس المتترب:
هناك عاملين أساسين يفسران توالي الفرشات الكلسية؛ فالتغيرات الفصلية السنوية وحتى القرنية لعملية الترسب تعطي إرسابات تحتوي على نسبة مهمة من الطين، وهناك أيضاً الكلس المفروش الملوث الذي يمر بتحولات تعطي كلس متترب. نحصل على هذا الكلس نتيجة لتواجد الأوحال المتضوعة على جنبات القارات في المياه الساخنة عندما تنشط عملية التساقط الكيميائي إذ نحصل على صخر به % 90 من Ca CO3 ليعطي كلس ليثوغرافي.
ج- الصخور الكلسية ذات النفاذية المرتفعة (الطباشير (chalk) والكلس الرمادي):
الطباشير ترسب خلال الكريتاسي الأعلى بالمنخفض الباريسي، هي صخور يمكن أن تكون مسامية (نافذة)، ومتصدعة ذات أصل مزدوج. تشكلت بالأساس إما بسبب تساقط كربونات الكلس. هذه الترسبات وقعت في البحار الاستوائية والهضاب القارية؛ إن هذا الصخر في حالته الخالصة قد يضم % 95. من كربونات الكلس خاصة إذا كانت العناصر السيليسية فتاتية وعبارة عن فرشات.
د- الكلس الدلوميتي والدلومي:
هي صخور نافذة، وهي صخور مكونة من خليط من الكالسيت والدلوميت، مع اختلاف حسب نسبة المواد المكونة لها. الدلوميت الذي تبلر cristalline نتج عن ملح قابل للذوبان، تركيبته الكيميائية هي .Ca Mg (CO3)2 إن هذا الاختلاف بنسب الكلس والدلوميت يعطي أنواعاً مختلفة (الدلوميت % 100 من الدلوميت. الدلوميت الكلسي % 50-% 90 من الدلوميت والكلس الدلوميتي 10% إلى 50 %).
التدلمت: يتطور في أعماق ضعيفة خاصة بالبحار الضحلة والدافئة والتي تعرف نشاط بيولوجي يعمل على رفع نسبة الهيدروجين PH في بعض الأحيان تتجاوز 9 .
إن هذا الاختلاف الكبير للصخور الكربوناتية، يوضح ويميز بين حساسيات متنوعة اتجاه التطور وخاصة اتجاه الإذابة السطحية والباطنية.
دور البنائية: أدت الحركات البنائية المتوالية عبر الأزمنة الجيولوجية المختلفة وبمختلف مناطق العالم إلى تشكيل شبكة من الانكسارات سهلت عبر تسرب الماء في تطوير الأشكال الكارستية السطحية والباطنية، فجميع المناطق المتصدعة (شقوق) تتأثر مباشرة بالحوادث التكتونية. فالمناطق الكارستية للنطاق المتوسطي تعد مهمة نظراً للطيات الأرضية الناتجة عن البنائية فهي طيات بيرينية تعود للكريتاسي الأعلى والأيوسين.
العديد من المناطق أحدثت بفعل تأثير التكتونية العمودية حيت قسمت الكتل الكلسية إلى قشرات. فالكلس الكتلي مرتبط بشكل التكتونية النشيطة أولاً عندما تكون الطيات أصلية وعملية الدفع تكون متتالية وعندما تقل الحركات فإنه يتطور.
إن الحوادث التكتونية تلعب دور أساسي في التشكيل الكارستي وهي كثيرة ويمكن التعرف عليها بواسطة الصور الجيولوجية (photogeological).
* العوامل البيومناخية:
إن حرارة الماء تحدد مكونات وعناصر الماء الكربوناتية فقد تبين أن كمية CO2 المحلل في الماء تكون مرتين أكبر في درجة حرارة c°0 منه في درجة حرارة c°20. إذن فالإذابة بالمناطق الكارستية الباردة تكون مهمة، فإذا كانت مناطق تساقط الثلوج تعرف إذابة نشيطة فهذا راجع لتدني درجة الحرارة وأيضاً للتساقطات المهمة التي تتلقاها. أما بالمناطق الاستوائية الرطبة فإن نسبة المواد تكون قليلة بالمقارنة مع المناطق الباردة، في حين أن كمية الماء مهمة وإنتاج CO2 مهم نظراً لوجود غطاء نباتي كثيف.
أما بالنسبة للمناطق المتوسطية فمكونات الماء تكون مرتفعة خلال الصيف إذ تكون أمام مياه فوق مشبعة. بصفة عامة سرعة الإذابة تكون ضعيفة نظراً لقلة التساقطات ودور تبخر النتح. إضافة إلى هذه العناصر الثلاثة (حرارة الماء؛ كمية الماء؛ نسبة CO2 )، نضيف عامل الشقوق التي توجد بالصخر. ففي المناطق المعتدلة والرطبة الامتياز يكون لصالح الماء الذي يتسرب داخل الشقوق (صخور ذات شقوق كثيرة مثل الطباشير؛ الدلوميت….). الشقوق التي نجدها بالصخر تلعب دوراً في تطور الأشكال السطحية وبالأخص الحزوز والأشكال الباطنية.
تكون عدوانية الماء أكثر بالمناطق التي يخرج فيها الماء إلى السطح مجدداً تحت نقط التوازن، وفي أغلب الأحيان تخرج المياه الكارستية المتواجدة تحت تأثير مناخ جليدي أو ممطر عدوانية لأنها امتصت كمية من CO2 في البداية.
ففي المجالات المتوسطية، عدوانية المياه تختلف حسب العيون وحسب الفصول، فهناك عيون تكون عدوانية خلال الصيف وأخرى لا تكون عدوانية إلا في الفصل البارد. لكن العامل المناخي ليس وحده المتدخل، فتنظيم سطح الكارست يتحكم أيضاً في عدوانية المياه الباطنية. وقد قام H.ROQUES بعد تحليله للماء أعطى ترتيباً للكارست تبعاً لقيمة الضغط الجزئي لـ CO2 في الأجزاء الباطنية. وقد توصل من خلاله إلى أن الضغط الجزئي لـ CO2 يكون مهماً في أعماق الكارست، بالمقارنة مع ما هو عليه في الجو (4-10*3) ، و أن الضغط الجزئي لـ CO2 يأخذ قيمة قصوى بالكارست المتوسطي.
تحضير CO2 يكون بواسطة الغطاء النباتي، وذلك بشكل مستمر. وكمية CO2 المحلل في الماء ترتبط بالضغط الجزئي لـ CO2 وحرارة الماء ويصل الضغط الجزئي لـ CO2 في الهواء إلى %0.03، لكنه يعرف ارتفاعاً في هذه النسبة وذلك عند تسرب الماء في المسكات الترابية. إذ تتراوح هذه النسبة بين %2 و %6، كما تأكد أن نسبته تنخفض مع ارتفاع درجة الحرارة.
العوامل الطبوغرافية:
تلعب الطبوغرافية دوراً خاصاً في التشكيل الكارست حيت تنشأ أشكال كارستية خاصة حسب نوع الطبوغرافية، إذ أن الجبال والهضاب الغربية لليونان والسلسلة الكلسية بإسبانيا وهضاب الأراضي المنخفضة، تعطي طبوغرافية كارستية ولو بدرجات مختلفة.
كما أن الشقوق الضيقة الناتجة عن انهيار التربة التي تنزل لأسفل الكارست وعملية الإذابة القوية بفعل وجود CO2 الثقيل والتي نجدها بالأساس في المحدبات والمناطق السيئة التهوية. تلعب دوراً في التشكيل الكارست وكذلك تساهم التعرية من المناطق العالية في اتجاه المناطق السفلى في المناطق الجبلية بجعل المجال يزخر بالشبكات المائية وأيضاً بفعل الحركات الهيدروميكانيكية مثل السقوط ويجب التأكيد على أن الطبوغرافية تتحكم في عملية التساقط الكيماوي وتخلق ترتيباً بيومناخياً.
أما بالمناطق الهضبية فالجريان الهيدرولوجي ينظم في أغلب الأوقات بواسطة شبكات، التي تكون في البداية من نوع متاهة.
2- الجريان الكارستي:
جميع المناطق الكارستية تتميز باختفاء الماء في السطح وتركز الجريان الباطني، أيضاً تتميز بصخورها غير النافذة، وتحد بواسطة وديان باطنية مثل الباديراك التي تجري في عمق كهوف واسعة. في كل الحالات المجاري المائية السطحية ليست مختفية فهي إما عبارة عن جريان قصير يستنفذ وقتاً معيناً في الكرستة قبل أن تختفي في واد من نوع aveugles، أو عبارة عن عيون في جوانب الكارست، أو تكون عبارة عن وديان حقيقية لها القدرة على التعمق في الكتلة الكلسية. وهناك أشكال سطحية تتمحور في علاقتها بالشبكة الباطنية.
إن الماء الذي ينفذ في الكارست يخرج عبارة عن عيون، وهي وديان حقيقية تخرج بشكل معين من شقوق أو دهاليز أو من أحواض، وترتبط تغذية هذه الوديان بالأساس بجريان الماء الذي يمتص من طرف الكلس والذي يعاود الظهور إلى السطح بجانب الكارست.
ويعرف توزيع العيون تنوعاً كبيراً، ففي المناطق الكارستية المرتفعة هذه العيون ما هي إلا عبارة عن حفر في أعراف كلسية، وفي المناطق الهضبية الأكثر انتشاراً هو تصريف بواسطة دهاليز واسعة وأكثر اتساعاً من الواد. وفي الماضي كانت هناك شبكات أهم من الشبكات الحالية.
الحزوز الكارستية:
في وحدات الكارست ما قبل الآبي، برز صخر الكلس الأبيض تحت الشمس مشكلاً cupules أو تضاريس لها علاقة بآلية الإذابة وهي الحزوز. إن الأشكال الكارستية السطحية لم تتشكل عن طريق إذابة واحدة؛ آلية الإذابة بواسطة الجليد gelifraction تؤدي إلى تكوين حقول حجرية. في النهاية الحزوز تتطور تحت غطاء ترابي bedological وقممه تكون شيئاً فشيئاً جافة هناك أيضا أشكال ثانوية ناتجة عن الإذابة المباشرة إذ نجد أشكال مختلفة حسب آلية تشكيلها.
أشكال مرتبطة بالجريان والرطوبة الناتجة عن ذوبان مياه الثلوج، هي أشكال مرتبطة بالجريان والحركات البنائية، كأحواض الإذابة وحزوز الكهوف ذات الأصل البيوكيماوي، وهي أشكال تتطور حسب ميل الطبقات.
إن الأشكال المرتبطة بالإذابة والجليد تكونت بالأساس في كارست الارتفاع؛ تتشكل أيضاً بالمناطق المتوسطية، إذ يقوم الجليد بتفتيت مجال التزويد، بفعل الإذابة التي تفقر مقاومة القشرة السطحية. فالشقوق هنا تتسع عن طريق توالي التجمد والإذابة، وتكون النتيجة تطور أشكال وحقول صخرية كلسية. وفوق مناطق السطوح البنيوية المائلة ذات الكلس الكتلي تتطور مجموعة من الحزوز الصغرى.
أما الكبرى فنجدها في أماكن خاصة وظروف خاصة. إن شدة الإذابة والحركات البنائية عاملان أساسيان في تحديد تطور هذه الأشكال، ففي المناطق الكارستية ذات المناخ الاستوائي الرطب، وتبعاً لنظام الشقوق التي تمتد فوق الكلس الجوراسي، حيث اكتشف المختصون أجراف تظهر على شكل حزوز، هي تتطور وفق شروط مناخية مناسبة (دور الجليد؛ الغطاء النباتي كثيف ومتفسخ
الحزوز والغطاء النباتي والترابي:
هناك أشكال تتطور بالأساس في الهواء الطلق، لكن هناك أنواع من الحزوز تعتبر كقمم لكهوف واسعة وسط تربة محمية بغطاء نباتي. وهي إما موروثة ناتجة صيرورة تطور تحت تأثير مناخ جليدي وتكون مشبعة منذ فترة الحماية الترابية، وإما حالية ناتجة عن تطور حالي.
لكن يجب التأكيد على أن حزوز الكهوف لها علاقة بالأحماض النباتية، فتطورها الحالي يقع تحت الأرض. كما أكدت الدراسات التي اهتمت بالمناطق الكارستية للنطاق الاستوائي أن اتساع الإذابة التي تقوم فوق التربة والصخور ثم بفعل اختراق الأحماض التي تكون حفر أسطوانية، ويمكن أن نجده بالكارست المتوسطي حيث حماية الغطاء النباتي متوفرة.
نجد الحزوز بأماكن وأتربة متقطعة، هي عبارة عن قمم حادة أو صفائح، وهي أشكال ناتجة عن إذابة باطنية. ومن بين أنواعها نجد الممرات المتتربة وهي تطابق أماكن الإذابة، هذه الأخيرة تكون عميقة جداً، تحفر الحزوز بواسطة غطاء من الأحماض.
وهناك تداخل ما بين آلية الإذابة السطحية وآلية الإذابة الجليدية بالمناخات الباردة من جهة والإذابة الباطنية من جهة أخرى وذلك تحت حماية الغطاء النباتي، وفي المقابل تراجع الحماية الترابية وتشكل الحزوز
البالوعات (Sinkholes):
هي أشكال سطحية تميز الكارست.
والبالوعات عبارة عن منخفضات دائرية قطرها قد يصل على مئات الأمتار.
تنشأ نتيجة لتسرب مياه الأمطار في الصخور من خلال الفواصل. وعند مواضع معينة، كمواضع تقاطع الفواصل، ويسهل عمل الإذابة التي تحولها بالتدريج إلى ثقوب أو حفر. ويتوقف شكل الحفر على المميزات التركيبية الثانوية للصخور وباستمرار فعل الإذابة، تتسع هذه الحفر بالتدرج، وقد تتلاحم وتندمج في بعض المناطق مكونة لحفر أكبر تعرف بحفر الإذابة المركبة
ويوجد العديد من البالوعات في مناطق الصخور الجيرية بمرتفعات المنديب، والبناين، والكوس، والجورا، والبرانس، و الألب الأمامية. وقد أمكن حصر 60 ألف بالوعة في هضبة كنتاكي بالولايات المتحدة.
نجد أنواع عديدة من البالوعات على شكل دلو وأخرى على شكل أحواض، وتكون هذه الأخيرة ذات جوف مغطى بقطاعين ترابي ونباتي، وتكون أكتر امتداداً.
*- بالوعات الانهيار:
هي ناتجة إما عن انهيار سقف كهف يكون قريباً من السطح، وإما عن صعود البالوعات الفيضية التي نجدها في أماكن جريان الماء بالمناخات الجليدية نظراً لحضور الجليد المتكتل في العمق والذي يسهل التآكل الجانبي للقعر. ويمكن أن نجدها ضمن المناخات الاستوائية، أما بالمناطق المتوسطية نجد بالوعات إنهيارية على جوانب الدارات خاصة بالمناطق الكارستية النشيطة.
*- بالوعات الانهيار الباطني:
وهي مرتبطة بصعود les cloches ، هذه البالوعات لا تكون إلا على شكل قمم تشكلت بطريقة متوالية، تعمق عنيف، مرفوق بحركة تحت أرضية وفي بعض الأحيان بزلازل أرضية.
*- بالوعات عادية:
يكون قعر هذه البالوعات مملوء بمجموعة من المواد (حجارة؛ التربة الحمراء)، لكن في بعض الأحيان نجد الحث. وفي حالة بالوعات en baquettes السفوح تكون صخرية وذات انحدار قوي، على العكس من ذلك في البالوعات الكبيرة تكون السفوح منتظمة على شكل قمم .
في الأخير يمكن لهذه البالوعات أن تكون مملوءة بفرشة مائية مؤقتة (تساقطات؛ ذوبان الجليد).
انتشار البالوعات:
إن الإذابة السطحية وامتصاص المواد في العمق، يعطي أنواع مختلفة من البالوعات لكنها تكون منتشرة تبعاً للعوامل المتحكمة في نشأتها
عامل طبوغرافي:
في هذا الوضع البالوعات تتكون بالمناطق المنخفضة والأودية الجافة، وهي ناتجة عن مياه قامت بإشباع الكتلة الكلسية في مرحلة الإذابة. إن هذه الإذابة تتطور لتعطي بالوعات متطورة تبقى مرتبطة بالطبوغرافية الأصلية. وفي الكارست حيث الغطاء النباتي كثيف الأحماض الناتجة عن التفسخ التي تدعم تطور البالوعة.
عامل مناخي: على العكس من البالوعات الناتجة عن الإذابة السطحية بواسطة مياه التساقطات، فالبالوعات الثلجية متنوعة ومرتبطة بالمناخ الذي يوفر تساقطات ثلجية مهمة. ففي منطقة الألب تتميز كتلة دورميتور بانتشار حزوز وحفر ثلجية في خطوط إرتفاعية تعلو منطقة انتشار البالوعات، وما بين المنطقتين تكون البالوعات على شكل قمم تتطور بامتصاص متتابع لمياه ذوبان الكتلة الثلجية. وبالمناطق الأكثر انخفاضاً تظهر الأشكال وتختفي بسبب ضعف سرعة التطور، أما بجوانب المقعرات فنجد نوعاً من البالوعات الثلجية إذ تكون منفتحة على مجرى تصريف مياه الذوبان.
عامل التكتونية:
تكون أغلب البالوعات موجهة بميل الطبقات، هذا الأخير يرتبط بالحركات التكتونية. حيث في سنة 1967 أكد p.weydert على أن التراتب للبالوعات يمكن أن يتحكم في تقاطع الطبقات، فالبالوعات الكبيرة تتواجد فوق تقاطع عناصر طبقات مختلفة.
التراكم:
المواد المتبقية كالأرجيل تتراكم في قعر المنخفض.
٭ الامتصاص:
يرشح الماء في عمق البالوعات، في اتجاه أعماق الكارست عبر مجموعة من الطبقات أو عبر شقوق مغلقة بالكتل السميكة. وبما أنها مغلقة بكاملها فإن الامتصاص سيتوقف والبالوعة غالباً ما تصبح بالوعة مستنقع، وستعرف إذابة وتراكم. أما إذا كانت عملية الامتصاص نشيطة، فالتراكمات تصبح مرئية.
٭ المنخفضات المغلقة:
هي أشكال نوعية خاصة بالكارست المكتمل، كما يمكن أن نجدها بصخور كلسية ودلوميتية؛ وفي ظروف مناسبة لتشكيل صخور متبلرة يمكن أن نحصل على منخفضات من نوع pseudo karstique.
الأسطح الجيرية المضرسة:
تبدو الأسطح الجيرية مقطعة ومهلهلة وعرة، ومرصعة بالثقوب والخطوط الغائرة، وذلك كله نتيجة لعدم انتظام الفعل المذيب للمياه الحمضية. وتتمثل هذه الظاهرات أحسن تمثيل في منطقة الحجر الجيري الكربوني في يوركشير، وفي أجزاء من أيرلندا، ومنطقة الكوس الجيرية بفرنسا، والجزء الجنوبي من مالطا. وهي تظهر عادة فوق مخارج الصخور المكشوفة، وتؤثر في تشكيلها عدة عوامل منها تركيب الصخر ونسيجه ومظهره، وانحدار السطح، والغطاء النباتي.
الكهوف:
وهي دهاليز طبيعية تمتد أسفل السطح امتداداً أفقياً ورأسياً، وتنشأ عن حركة المياه خلال الفواصل والشقوق وسطوح الانفصال الطبقي، مذيبة للجير. ويعظم فعل المياه حينما تعزز الأمطار مكونة لانهار باطنية تعمل على توسيع الفواصل وسطوح الانفصال الطبقي بواسطة الإذابة والنحت مكونة للكهوف الضخمة. مثال ذلك كهف كارلس باد الذى يبلغ طوله 4000 م ،واتساعه 600 م، وارتفاعه 300 م . وقد تم تكوين عدد من الكهوف الكبيرة أثناء عصر البلايوستوسين، وبعضها الآن جاف بسبب انخفاض منسوب الماء الباطني. ومن أمثلة الكهوف في محيطنا العربي مغارة جعيطة بلبنان, وكهف الجبخ بسهل بنغازى.
المجارى المائية الباطنية:
يصبح التصريف المائي في المناطق التي تتركب من صخور كربونية منفذه في معظمه باطنياً. ففي الصخور الطباشيرية والجيرية التي تتميز بنفاذية عالية، والتي تحوي عدداً من الفواصل المتقاربة, يتسرب المطر، ويأخذ طريقة بسرعة إلى الأعماق محللاً ومذيباً لكربونات الكالسيوم، وقد قدر أن كل ميل مربع من الأراضي الطباشيرية بانجلترا يفقد 140 طناً من مواده كل سنة بواسطة عمليه الكربنة. ويرجع السبب في جريان الأنهار سطحياً فوق الصخور الطباشيرية إلى ارتفاع مستوى الماء الباطني إلى السطح معظم السنة. وقد تفيض مياه هذه الأنهار وتختفي في البالوعات الموجودة في قيعانها حينما تصيب المنطقة موجه جفاف. ومثالها نهر بروك بانجلترا
الأودية الجافة:
يعتبر وجود الأودية الجافة صفة من صفات الأقاليم الطباشيرية والجيرية الرطبة وفي مناطق الأودية الجافة على ظهور الكويستات مكونة لنم يذكرنا بنمط النظم النهرية العادية. ويظهر كثير منها مميزات مماثلة للأودية التي تجرى بها الأنهار مثل المنعطفات المنحوتة. كما نجد قيعانها مفروشة دائما بالرواسب النهرية. ومع هذا فهناك من الأودية الطباشيرية ما يحيد عن هذه الخصائص, فالأودية التي تقطع الحافات الصخرية, قد نحرتها إلى عمق غير عادى، وتتسم جوانبها بشده الانحدار, وحينما تشاهدها من الجو تراها متتبعة لمسالك غريبة شاذة، كثيرة التعرج. ومثالها وادي الديفلز دايك قرب برايتون بجنوب انجلترا
هي ظاهرة جيومورفولوجية في المناطق الجيرية الرطبة، حيث تتميز بعض المناطق الجيرية في الجهات المطيرة بأشكال مثالية خاصة، ويرتبط تكوين هذه الأشكال ارتباطاً وثيقاً بما ينشأ عن عمليات الإذابة من توسيع الشقوق والفواصل والكسور، ولابد أن يكون مستوى الماء الباطني أسفل السطح على عمق يسمح للمياه أن تتسرب باستمرار في العمق خلال الصخور وتسود هذه الأشكال مناطق خاصة من العالم أشهرها: منطقة الكارست في غرب يوغوسلافيا، وإقليم الكوسفى جنوب شرق الهضبة الوسطى بفرنسا، وهضبة كنتاكى في الولايات المتحدة، وشبه جزيرة يوكاتان بأمريكا الوسطى، ومنطقة البنين بانجلترا .
وهناك ظروف معينة يجب توافرها حتى يتكون المظهر الطبوغرافي الكارستي:
أن يتكون سطح المنطقة من صخر قابل للتحلل والذوبان في الماء ويفضل إن يكون هذا الصخر من الحجر الجيري وأن يكون سميكاً متماسكاً تكثر به الشقوق والفواصل وأن يكون رقيق الطبقات.
* أن يكون منسوب المياه السطحية الجوفية أوطأ من الجيري بالقدر الذي يسمح للمياه المتسربة باختراق الطبقات الجيرية ويساعد هذا على وجود أودية نهرية على مستوى أقل من مستوى الأرض المحيطة المعروفة لعمليات التحلل الكيميائي.
* أن تتمتع هذه المنطقة بكميات وفيرة من المطر.
أولاً: النظام الكارستي:
ترتبط الأشكال الكارستية في تشكيلها بوجود الماء المشبع بالغاز الفحمي Co2. وذلك بتفاعل مع صخور قابلة للكرستة، ثم عامل البنية والبنائية: أي العامل الطبوغرافي والجيولوجي.
1- العوامل المتحكمة في النظام الكارستي:
*- العوامل الجيولوجية:
تلعب العوامل الجيولوجية دوراً أساسياً في تحديد نوعية الأشكال الكارستية وأهميتها. ذلك أن نوعية الصخر تتدخل لتحدد درجة عملية الإذابة. كما تعرف العديد من هذه الأشكال توجيهاً يوازي ميل الطبقات وهذا الميل يرتبط بالحركات التكتونية.
- الصخور الكلسية والكربوناتية: الكلس عبارة عن صخور رسوبية تحتوي على نسبة كبيرة من كربونات الكالسيوم (% 50) Ca Co3. ولا نجدها خالصة إلا في حالات نادرة كتصلب الكالسيت والأراغونيت، تكون إما عبارة عن صواعد وهوابط أو مغارات. على العكس من ذلك نجد صخور كلسية صلبة مثل الأراغونايت Aragonite بالألب الفرنسي حيث أن نسبة كربونات الكالسيوم لبعض المنشورات تتراوح ما بين % 95 و % 98 من مكوناتها. وعموماً تميز الأشكال الكارستية الأكثر تنوعاً الكلس الخالص
إن الكلس ترافقه صخور كربوناتية أخرى مثل الدلوميت dolomite وهي صخور تحتوي على نسبة كبيرة مهمة من الماغنيسيوم magnesium إذ باندماجهما (الكلس والدلوميت)، نكون أمام وضعية انتقالية؛ كلس دلوميتي: الكلس؛ الكلس الترابي؛ دلوميت؛ كلس دولوميتي…. إلخ هي صخور كربوناتية حيت لا نجدها على شكل محلول إلا بوجود الغاز الكربوني، هناك أيضاً الصخور التبخارية والملحية القابلة للذوبان بواسطة الماء.
أ-الكلس الكتلي:
تكون على أشكال مصطبات ذات سمك مهم (عدة أمتار). وتكون متفرقة بواسطة ممرات تطبقية واضحة، في بعض الأحيان يغيب ويندثر التطبق في أماكن خاصة مثل الشعاب المرجانية. هذا النوع من الكلس ناتج عن الترسب البيولوجي إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
ب- الكلس المفروش والكلس المتترب:
هناك عاملين أساسين يفسران توالي الفرشات الكلسية؛ فالتغيرات الفصلية السنوية وحتى القرنية لعملية الترسب تعطي إرسابات تحتوي على نسبة مهمة من الطين، وهناك أيضاً الكلس المفروش الملوث الذي يمر بتحولات تعطي كلس متترب. نحصل على هذا الكلس نتيجة لتواجد الأوحال المتضوعة على جنبات القارات في المياه الساخنة عندما تنشط عملية التساقط الكيميائي إذ نحصل على صخر به % 90 من Ca CO3 ليعطي كلس ليثوغرافي.
ج- الصخور الكلسية ذات النفاذية المرتفعة (الطباشير (chalk) والكلس الرمادي):
الطباشير ترسب خلال الكريتاسي الأعلى بالمنخفض الباريسي، هي صخور يمكن أن تكون مسامية (نافذة)، ومتصدعة ذات أصل مزدوج. تشكلت بالأساس إما بسبب تساقط كربونات الكلس. هذه الترسبات وقعت في البحار الاستوائية والهضاب القارية؛ إن هذا الصخر في حالته الخالصة قد يضم % 95. من كربونات الكلس خاصة إذا كانت العناصر السيليسية فتاتية وعبارة عن فرشات.
د- الكلس الدلوميتي والدلومي:
هي صخور نافذة، وهي صخور مكونة من خليط من الكالسيت والدلوميت، مع اختلاف حسب نسبة المواد المكونة لها. الدلوميت الذي تبلر cristalline نتج عن ملح قابل للذوبان، تركيبته الكيميائية هي .Ca Mg (CO3)2 إن هذا الاختلاف بنسب الكلس والدلوميت يعطي أنواعاً مختلفة (الدلوميت % 100 من الدلوميت. الدلوميت الكلسي % 50-% 90 من الدلوميت والكلس الدلوميتي 10% إلى 50 %).
التدلمت: يتطور في أعماق ضعيفة خاصة بالبحار الضحلة والدافئة والتي تعرف نشاط بيولوجي يعمل على رفع نسبة الهيدروجين PH في بعض الأحيان تتجاوز 9 .
إن هذا الاختلاف الكبير للصخور الكربوناتية، يوضح ويميز بين حساسيات متنوعة اتجاه التطور وخاصة اتجاه الإذابة السطحية والباطنية.
دور البنائية: أدت الحركات البنائية المتوالية عبر الأزمنة الجيولوجية المختلفة وبمختلف مناطق العالم إلى تشكيل شبكة من الانكسارات سهلت عبر تسرب الماء في تطوير الأشكال الكارستية السطحية والباطنية، فجميع المناطق المتصدعة (شقوق) تتأثر مباشرة بالحوادث التكتونية. فالمناطق الكارستية للنطاق المتوسطي تعد مهمة نظراً للطيات الأرضية الناتجة عن البنائية فهي طيات بيرينية تعود للكريتاسي الأعلى والأيوسين.
العديد من المناطق أحدثت بفعل تأثير التكتونية العمودية حيت قسمت الكتل الكلسية إلى قشرات. فالكلس الكتلي مرتبط بشكل التكتونية النشيطة أولاً عندما تكون الطيات أصلية وعملية الدفع تكون متتالية وعندما تقل الحركات فإنه يتطور.
إن الحوادث التكتونية تلعب دور أساسي في التشكيل الكارستي وهي كثيرة ويمكن التعرف عليها بواسطة الصور الجيولوجية (photogeological).
* العوامل البيومناخية:
إن حرارة الماء تحدد مكونات وعناصر الماء الكربوناتية فقد تبين أن كمية CO2 المحلل في الماء تكون مرتين أكبر في درجة حرارة c°0 منه في درجة حرارة c°20. إذن فالإذابة بالمناطق الكارستية الباردة تكون مهمة، فإذا كانت مناطق تساقط الثلوج تعرف إذابة نشيطة فهذا راجع لتدني درجة الحرارة وأيضاً للتساقطات المهمة التي تتلقاها. أما بالمناطق الاستوائية الرطبة فإن نسبة المواد تكون قليلة بالمقارنة مع المناطق الباردة، في حين أن كمية الماء مهمة وإنتاج CO2 مهم نظراً لوجود غطاء نباتي كثيف.
أما بالنسبة للمناطق المتوسطية فمكونات الماء تكون مرتفعة خلال الصيف إذ تكون أمام مياه فوق مشبعة. بصفة عامة سرعة الإذابة تكون ضعيفة نظراً لقلة التساقطات ودور تبخر النتح. إضافة إلى هذه العناصر الثلاثة (حرارة الماء؛ كمية الماء؛ نسبة CO2 )، نضيف عامل الشقوق التي توجد بالصخر. ففي المناطق المعتدلة والرطبة الامتياز يكون لصالح الماء الذي يتسرب داخل الشقوق (صخور ذات شقوق كثيرة مثل الطباشير؛ الدلوميت….). الشقوق التي نجدها بالصخر تلعب دوراً في تطور الأشكال السطحية وبالأخص الحزوز والأشكال الباطنية.
تكون عدوانية الماء أكثر بالمناطق التي يخرج فيها الماء إلى السطح مجدداً تحت نقط التوازن، وفي أغلب الأحيان تخرج المياه الكارستية المتواجدة تحت تأثير مناخ جليدي أو ممطر عدوانية لأنها امتصت كمية من CO2 في البداية.
ففي المجالات المتوسطية، عدوانية المياه تختلف حسب العيون وحسب الفصول، فهناك عيون تكون عدوانية خلال الصيف وأخرى لا تكون عدوانية إلا في الفصل البارد. لكن العامل المناخي ليس وحده المتدخل، فتنظيم سطح الكارست يتحكم أيضاً في عدوانية المياه الباطنية. وقد قام H.ROQUES بعد تحليله للماء أعطى ترتيباً للكارست تبعاً لقيمة الضغط الجزئي لـ CO2 في الأجزاء الباطنية. وقد توصل من خلاله إلى أن الضغط الجزئي لـ CO2 يكون مهماً في أعماق الكارست، بالمقارنة مع ما هو عليه في الجو (4-10*3) ، و أن الضغط الجزئي لـ CO2 يأخذ قيمة قصوى بالكارست المتوسطي.
تحضير CO2 يكون بواسطة الغطاء النباتي، وذلك بشكل مستمر. وكمية CO2 المحلل في الماء ترتبط بالضغط الجزئي لـ CO2 وحرارة الماء ويصل الضغط الجزئي لـ CO2 في الهواء إلى %0.03، لكنه يعرف ارتفاعاً في هذه النسبة وذلك عند تسرب الماء في المسكات الترابية. إذ تتراوح هذه النسبة بين %2 و %6، كما تأكد أن نسبته تنخفض مع ارتفاع درجة الحرارة.
العوامل الطبوغرافية:
تلعب الطبوغرافية دوراً خاصاً في التشكيل الكارست حيت تنشأ أشكال كارستية خاصة حسب نوع الطبوغرافية، إذ أن الجبال والهضاب الغربية لليونان والسلسلة الكلسية بإسبانيا وهضاب الأراضي المنخفضة، تعطي طبوغرافية كارستية ولو بدرجات مختلفة.
كما أن الشقوق الضيقة الناتجة عن انهيار التربة التي تنزل لأسفل الكارست وعملية الإذابة القوية بفعل وجود CO2 الثقيل والتي نجدها بالأساس في المحدبات والمناطق السيئة التهوية. تلعب دوراً في التشكيل الكارست وكذلك تساهم التعرية من المناطق العالية في اتجاه المناطق السفلى في المناطق الجبلية بجعل المجال يزخر بالشبكات المائية وأيضاً بفعل الحركات الهيدروميكانيكية مثل السقوط ويجب التأكيد على أن الطبوغرافية تتحكم في عملية التساقط الكيماوي وتخلق ترتيباً بيومناخياً.
أما بالمناطق الهضبية فالجريان الهيدرولوجي ينظم في أغلب الأوقات بواسطة شبكات، التي تكون في البداية من نوع متاهة.
2- الجريان الكارستي:
جميع المناطق الكارستية تتميز باختفاء الماء في السطح وتركز الجريان الباطني، أيضاً تتميز بصخورها غير النافذة، وتحد بواسطة وديان باطنية مثل الباديراك التي تجري في عمق كهوف واسعة. في كل الحالات المجاري المائية السطحية ليست مختفية فهي إما عبارة عن جريان قصير يستنفذ وقتاً معيناً في الكرستة قبل أن تختفي في واد من نوع aveugles، أو عبارة عن عيون في جوانب الكارست، أو تكون عبارة عن وديان حقيقية لها القدرة على التعمق في الكتلة الكلسية. وهناك أشكال سطحية تتمحور في علاقتها بالشبكة الباطنية.
إن الماء الذي ينفذ في الكارست يخرج عبارة عن عيون، وهي وديان حقيقية تخرج بشكل معين من شقوق أو دهاليز أو من أحواض، وترتبط تغذية هذه الوديان بالأساس بجريان الماء الذي يمتص من طرف الكلس والذي يعاود الظهور إلى السطح بجانب الكارست.
ويعرف توزيع العيون تنوعاً كبيراً، ففي المناطق الكارستية المرتفعة هذه العيون ما هي إلا عبارة عن حفر في أعراف كلسية، وفي المناطق الهضبية الأكثر انتشاراً هو تصريف بواسطة دهاليز واسعة وأكثر اتساعاً من الواد. وفي الماضي كانت هناك شبكات أهم من الشبكات الحالية.
الحزوز الكارستية:
في وحدات الكارست ما قبل الآبي، برز صخر الكلس الأبيض تحت الشمس مشكلاً cupules أو تضاريس لها علاقة بآلية الإذابة وهي الحزوز. إن الأشكال الكارستية السطحية لم تتشكل عن طريق إذابة واحدة؛ آلية الإذابة بواسطة الجليد gelifraction تؤدي إلى تكوين حقول حجرية. في النهاية الحزوز تتطور تحت غطاء ترابي bedological وقممه تكون شيئاً فشيئاً جافة هناك أيضا أشكال ثانوية ناتجة عن الإذابة المباشرة إذ نجد أشكال مختلفة حسب آلية تشكيلها.
أشكال مرتبطة بالجريان والرطوبة الناتجة عن ذوبان مياه الثلوج، هي أشكال مرتبطة بالجريان والحركات البنائية، كأحواض الإذابة وحزوز الكهوف ذات الأصل البيوكيماوي، وهي أشكال تتطور حسب ميل الطبقات.
إن الأشكال المرتبطة بالإذابة والجليد تكونت بالأساس في كارست الارتفاع؛ تتشكل أيضاً بالمناطق المتوسطية، إذ يقوم الجليد بتفتيت مجال التزويد، بفعل الإذابة التي تفقر مقاومة القشرة السطحية. فالشقوق هنا تتسع عن طريق توالي التجمد والإذابة، وتكون النتيجة تطور أشكال وحقول صخرية كلسية. وفوق مناطق السطوح البنيوية المائلة ذات الكلس الكتلي تتطور مجموعة من الحزوز الصغرى.
أما الكبرى فنجدها في أماكن خاصة وظروف خاصة. إن شدة الإذابة والحركات البنائية عاملان أساسيان في تحديد تطور هذه الأشكال، ففي المناطق الكارستية ذات المناخ الاستوائي الرطب، وتبعاً لنظام الشقوق التي تمتد فوق الكلس الجوراسي، حيث اكتشف المختصون أجراف تظهر على شكل حزوز، هي تتطور وفق شروط مناخية مناسبة (دور الجليد؛ الغطاء النباتي كثيف ومتفسخ
الحزوز والغطاء النباتي والترابي:
هناك أشكال تتطور بالأساس في الهواء الطلق، لكن هناك أنواع من الحزوز تعتبر كقمم لكهوف واسعة وسط تربة محمية بغطاء نباتي. وهي إما موروثة ناتجة صيرورة تطور تحت تأثير مناخ جليدي وتكون مشبعة منذ فترة الحماية الترابية، وإما حالية ناتجة عن تطور حالي.
لكن يجب التأكيد على أن حزوز الكهوف لها علاقة بالأحماض النباتية، فتطورها الحالي يقع تحت الأرض. كما أكدت الدراسات التي اهتمت بالمناطق الكارستية للنطاق الاستوائي أن اتساع الإذابة التي تقوم فوق التربة والصخور ثم بفعل اختراق الأحماض التي تكون حفر أسطوانية، ويمكن أن نجده بالكارست المتوسطي حيث حماية الغطاء النباتي متوفرة.
نجد الحزوز بأماكن وأتربة متقطعة، هي عبارة عن قمم حادة أو صفائح، وهي أشكال ناتجة عن إذابة باطنية. ومن بين أنواعها نجد الممرات المتتربة وهي تطابق أماكن الإذابة، هذه الأخيرة تكون عميقة جداً، تحفر الحزوز بواسطة غطاء من الأحماض.
وهناك تداخل ما بين آلية الإذابة السطحية وآلية الإذابة الجليدية بالمناخات الباردة من جهة والإذابة الباطنية من جهة أخرى وذلك تحت حماية الغطاء النباتي، وفي المقابل تراجع الحماية الترابية وتشكل الحزوز
البالوعات (Sinkholes):
هي أشكال سطحية تميز الكارست.
والبالوعات عبارة عن منخفضات دائرية قطرها قد يصل على مئات الأمتار.
تنشأ نتيجة لتسرب مياه الأمطار في الصخور من خلال الفواصل. وعند مواضع معينة، كمواضع تقاطع الفواصل، ويسهل عمل الإذابة التي تحولها بالتدريج إلى ثقوب أو حفر. ويتوقف شكل الحفر على المميزات التركيبية الثانوية للصخور وباستمرار فعل الإذابة، تتسع هذه الحفر بالتدرج، وقد تتلاحم وتندمج في بعض المناطق مكونة لحفر أكبر تعرف بحفر الإذابة المركبة
ويوجد العديد من البالوعات في مناطق الصخور الجيرية بمرتفعات المنديب، والبناين، والكوس، والجورا، والبرانس، و الألب الأمامية. وقد أمكن حصر 60 ألف بالوعة في هضبة كنتاكي بالولايات المتحدة.
نجد أنواع عديدة من البالوعات على شكل دلو وأخرى على شكل أحواض، وتكون هذه الأخيرة ذات جوف مغطى بقطاعين ترابي ونباتي، وتكون أكتر امتداداً.
*- بالوعات الانهيار:
هي ناتجة إما عن انهيار سقف كهف يكون قريباً من السطح، وإما عن صعود البالوعات الفيضية التي نجدها في أماكن جريان الماء بالمناخات الجليدية نظراً لحضور الجليد المتكتل في العمق والذي يسهل التآكل الجانبي للقعر. ويمكن أن نجدها ضمن المناخات الاستوائية، أما بالمناطق المتوسطية نجد بالوعات إنهيارية على جوانب الدارات خاصة بالمناطق الكارستية النشيطة.
*- بالوعات الانهيار الباطني:
وهي مرتبطة بصعود les cloches ، هذه البالوعات لا تكون إلا على شكل قمم تشكلت بطريقة متوالية، تعمق عنيف، مرفوق بحركة تحت أرضية وفي بعض الأحيان بزلازل أرضية.
*- بالوعات عادية:
يكون قعر هذه البالوعات مملوء بمجموعة من المواد (حجارة؛ التربة الحمراء)، لكن في بعض الأحيان نجد الحث. وفي حالة بالوعات en baquettes السفوح تكون صخرية وذات انحدار قوي، على العكس من ذلك في البالوعات الكبيرة تكون السفوح منتظمة على شكل قمم .
في الأخير يمكن لهذه البالوعات أن تكون مملوءة بفرشة مائية مؤقتة (تساقطات؛ ذوبان الجليد).
انتشار البالوعات:
إن الإذابة السطحية وامتصاص المواد في العمق، يعطي أنواع مختلفة من البالوعات لكنها تكون منتشرة تبعاً للعوامل المتحكمة في نشأتها
عامل طبوغرافي:
في هذا الوضع البالوعات تتكون بالمناطق المنخفضة والأودية الجافة، وهي ناتجة عن مياه قامت بإشباع الكتلة الكلسية في مرحلة الإذابة. إن هذه الإذابة تتطور لتعطي بالوعات متطورة تبقى مرتبطة بالطبوغرافية الأصلية. وفي الكارست حيث الغطاء النباتي كثيف الأحماض الناتجة عن التفسخ التي تدعم تطور البالوعة.
عامل مناخي: على العكس من البالوعات الناتجة عن الإذابة السطحية بواسطة مياه التساقطات، فالبالوعات الثلجية متنوعة ومرتبطة بالمناخ الذي يوفر تساقطات ثلجية مهمة. ففي منطقة الألب تتميز كتلة دورميتور بانتشار حزوز وحفر ثلجية في خطوط إرتفاعية تعلو منطقة انتشار البالوعات، وما بين المنطقتين تكون البالوعات على شكل قمم تتطور بامتصاص متتابع لمياه ذوبان الكتلة الثلجية. وبالمناطق الأكثر انخفاضاً تظهر الأشكال وتختفي بسبب ضعف سرعة التطور، أما بجوانب المقعرات فنجد نوعاً من البالوعات الثلجية إذ تكون منفتحة على مجرى تصريف مياه الذوبان.
عامل التكتونية:
تكون أغلب البالوعات موجهة بميل الطبقات، هذا الأخير يرتبط بالحركات التكتونية. حيث في سنة 1967 أكد p.weydert على أن التراتب للبالوعات يمكن أن يتحكم في تقاطع الطبقات، فالبالوعات الكبيرة تتواجد فوق تقاطع عناصر طبقات مختلفة.
التراكم:
المواد المتبقية كالأرجيل تتراكم في قعر المنخفض.
٭ الامتصاص:
يرشح الماء في عمق البالوعات، في اتجاه أعماق الكارست عبر مجموعة من الطبقات أو عبر شقوق مغلقة بالكتل السميكة. وبما أنها مغلقة بكاملها فإن الامتصاص سيتوقف والبالوعة غالباً ما تصبح بالوعة مستنقع، وستعرف إذابة وتراكم. أما إذا كانت عملية الامتصاص نشيطة، فالتراكمات تصبح مرئية.
٭ المنخفضات المغلقة:
هي أشكال نوعية خاصة بالكارست المكتمل، كما يمكن أن نجدها بصخور كلسية ودلوميتية؛ وفي ظروف مناسبة لتشكيل صخور متبلرة يمكن أن نحصل على منخفضات من نوع pseudo karstique.
الأسطح الجيرية المضرسة:
تبدو الأسطح الجيرية مقطعة ومهلهلة وعرة، ومرصعة بالثقوب والخطوط الغائرة، وذلك كله نتيجة لعدم انتظام الفعل المذيب للمياه الحمضية. وتتمثل هذه الظاهرات أحسن تمثيل في منطقة الحجر الجيري الكربوني في يوركشير، وفي أجزاء من أيرلندا، ومنطقة الكوس الجيرية بفرنسا، والجزء الجنوبي من مالطا. وهي تظهر عادة فوق مخارج الصخور المكشوفة، وتؤثر في تشكيلها عدة عوامل منها تركيب الصخر ونسيجه ومظهره، وانحدار السطح، والغطاء النباتي.
الكهوف:
وهي دهاليز طبيعية تمتد أسفل السطح امتداداً أفقياً ورأسياً، وتنشأ عن حركة المياه خلال الفواصل والشقوق وسطوح الانفصال الطبقي، مذيبة للجير. ويعظم فعل المياه حينما تعزز الأمطار مكونة لانهار باطنية تعمل على توسيع الفواصل وسطوح الانفصال الطبقي بواسطة الإذابة والنحت مكونة للكهوف الضخمة. مثال ذلك كهف كارلس باد الذى يبلغ طوله 4000 م ،واتساعه 600 م، وارتفاعه 300 م . وقد تم تكوين عدد من الكهوف الكبيرة أثناء عصر البلايوستوسين، وبعضها الآن جاف بسبب انخفاض منسوب الماء الباطني. ومن أمثلة الكهوف في محيطنا العربي مغارة جعيطة بلبنان, وكهف الجبخ بسهل بنغازى.
المجارى المائية الباطنية:
يصبح التصريف المائي في المناطق التي تتركب من صخور كربونية منفذه في معظمه باطنياً. ففي الصخور الطباشيرية والجيرية التي تتميز بنفاذية عالية، والتي تحوي عدداً من الفواصل المتقاربة, يتسرب المطر، ويأخذ طريقة بسرعة إلى الأعماق محللاً ومذيباً لكربونات الكالسيوم، وقد قدر أن كل ميل مربع من الأراضي الطباشيرية بانجلترا يفقد 140 طناً من مواده كل سنة بواسطة عمليه الكربنة. ويرجع السبب في جريان الأنهار سطحياً فوق الصخور الطباشيرية إلى ارتفاع مستوى الماء الباطني إلى السطح معظم السنة. وقد تفيض مياه هذه الأنهار وتختفي في البالوعات الموجودة في قيعانها حينما تصيب المنطقة موجه جفاف. ومثالها نهر بروك بانجلترا
الأودية الجافة:
يعتبر وجود الأودية الجافة صفة من صفات الأقاليم الطباشيرية والجيرية الرطبة وفي مناطق الأودية الجافة على ظهور الكويستات مكونة لنم يذكرنا بنمط النظم النهرية العادية. ويظهر كثير منها مميزات مماثلة للأودية التي تجرى بها الأنهار مثل المنعطفات المنحوتة. كما نجد قيعانها مفروشة دائما بالرواسب النهرية. ومع هذا فهناك من الأودية الطباشيرية ما يحيد عن هذه الخصائص, فالأودية التي تقطع الحافات الصخرية, قد نحرتها إلى عمق غير عادى، وتتسم جوانبها بشده الانحدار, وحينما تشاهدها من الجو تراها متتبعة لمسالك غريبة شاذة، كثيرة التعرج. ومثالها وادي الديفلز دايك قرب برايتون بجنوب انجلترا