يأتي الضوء كله من ذرات، حصلت على طاقة، إما بامتصاصها الضوء من مصدر آخر؛ وإما لاصطدامها بجسيمات أخرى. والذرة التي اكتسبت هذه الطاقة الإضافية، تُسمى مثارة. وهي تبقى، عادة، مثارة، لفترة قصيرة، ثم تهبط، بإعطاء الطاقة الزائدة ذرة أخرى، أو تبعث ضوءاً، يحمل الطاقة الزائدة. وتختلف كمية الطاقة اللازمة لإثارة الذرات، وكمية الطاقة المنبعثة منها على شكل ضوء، باختلاف الذرات. ويوصف الضوء، عادة، بأنه موجة، تشبه موجة المياه، التي تمر عبر البحيرات. ويمكن أن يوصف بأنه جسيمات صغيرة، تسمى الفوتونات. ويتحرك كل فوتون في خط مستقيم، يحاكي خط تحرك كرة البلياردو. وفي كلا الوصفَين السابقَين، يملك الضوء طاقة وكمية؛ وتحدِّد لونه الطاقة المحمولة من خلاله الموجات أو الفوتونات. فلو رأيت، مثلاً، تفاحة حمراء على كرسي أزرق، فكلُّ فوتون من التفاحة، يملك طاقة أقلّ من طاقة فوتون الكرسي. وتثار الذرات بالتسخين، لكي تبعث الضوء. فمذكي النار (قضيب معدني)، يمكن تسخينه، حتى يصبح لونه أبيض، من شدة الحرارة. وبسبب التسخين، تتصادم الذرات الموجودة على سطح مذكي النار، بعنف، فيثير بعضها بعضاً، وتتخلص كلّ ذرة من طاقتها الزائدة، بأن تبعث ضوءاً. ولا تلبث أن تُثار مرات عدة، من خلال تصادمات أخرى، تسفر عن حالات متغيرة للذرات، التي تنطلق منها الفوتونات المختلفة الطاقات. ويسفر تمازج الألوان الناتجة، عن اللون الأبيض. وكلما برد مذكي النار، فإن عدداً قليلاً من الذرات، يثار إلى طاقات عالية؛ ولذلك، فإن الذرات تبعث عدداً قليلاً من الفوتونات، ذات الطاقات العالية، التي ينتج منها الضوء الأزرق. وما دام الضوء الأحمر منبعثاً، فإن مذكي النار البارد، يبدو أحمر. 2. مصادر أخرى للضوء كثير من المواد، تحصل على الطاقة، ثم تبعث ضوءاً، من دون أن تسخن إلى درجة كبيرة؛ في ما يسمى الإشعاع الضوئي. ويتوهج بعض المواد المشعة ضوئياً، في الظلام، لفترة طويلة، بعد أن تحصل على طاقة زائدة؛ ويُطلق عليها مواد ذات ومض فوسفوري. وتبقى الذرات مثارة، لبعض الوقت، قبل أن تهبط، وتبعث ضوءاً. وهناك مواد معينة، ذات ومض فوسفوري، تُستخدم في الترقيم، كتلك التي تتوهج في أوجه الساعات. وثمة مواد أخرى، ذات تألق ضوئي، تبعث ضوءاً عند تعرّضها لطاقة تثيرها، وتسمى مواد فلورية، أو قابلة للفلورة. يعطي الحباحب (ذبابة ذات ألوان، وفي ذنبها شعاع)، وأنواع قليلة أخرى من الكائنات الحية، ضوءاً، في عملية، تُسمى الإشعاع الضوئي الحيوي؛ وفي هذه العملية، تتحد المواد الكيماوية، الموجودة في الكائن الحي، لإنتاج مواد كيماوية مختلفة، تحتوي على ذرات مُثارة. وتعطي هذه الذرات فوتونات، عندما تتخلص من الطاقة المثيرة. وتتوهج الشمس، بسبب التفاعلات النووية بين ذرات الهيدروجين، داخل مركزها، منتجة كمية هائلة من الطاقة، تحملها إلى سطح الشمس الفوتونات وأجسام أخرى. وعند السطح، تثير هذه الجسيمات الذرات، التي تهبط مرة أخرى، من خلال بعثها للضوء، الذي تحصل الأرض على جزء منه. وتبعث جميع النجوم الضوء، بهذه الطريقة. والفلق، مثل الضوء القطبي الشمالي، هو انبعاث الضوء بوساطة جزيئات الهواء. فعندما تصل الجسيمات ذات السرعة العالية، إلى الأرض، نتيجة للانفجارات الكبيرة في الشمس، تصطدم بجزئيات الهواء. وهذه التصادمات تثير جزئيات، بطاقة عالية، لا تلبث أن تحررها، بإعطائها ضوءاً. وعندما يحدث التصادم، أثناء الليل، فإن الضوء المنبعث، يكون مضيئاً، إلى درجة كافية لرؤيته. والليزر نبطية تنتج شعاعاً ضوئياً حاداً، ذا قدرة عالية. وتمتلك جميع الفوتونات فيه طاقة واحدة، وتسير في اتجاه واحد. ويستخدم الليزر يستخدم في البحوث العلمية، والجراحة، والاتصالات الهاتفية، وكذلك له استخدامات، صناعية وحربية، عديدة. هناك مصدرا ضوء كهربائي، ينبعث منهما ضوء خافت، نتيجة استخدام الطاقة الكهربائية؛ وهما: الصمام الثنائي مشع الضوء، واللوحات الكهروضوئية. ولا تتطلب هذه المصابيح زجاجة أو تفريغاً أو فتيلةً، لكن ضوءها، لا يكفي لإضاءة غرفة. 3. الصمامات الثنائية المشعة للضوء وهي شرائح صغيرة، من مادة زرنيخيد الجاليوم، أو أي مادة أخرى صلبة، شبه موصلة. وتعطي هذه الصمامات ضوءاً أحمر أو أصفر أو أخضر اللون، عندما تُهَيَّج ذراتها بطاقة كهربائية. وتستهلك هذه الصمامات طاقة قليلة، كما أنها تدوم طويلاً جداً. وتستخدم مجموعات من هذه الصمامات، في الحواسب وحاسبات الجيب، والساعات الرقمية، لتكوِّن أرقاماً أو حروفاً. ويتألف إظهار نمطي مبني على هذه الصمامات، من عدد من صمامات صغيرة، يكون التحكم فيها، فردياً، بدوائر حاسوبية، تعمل على إشعال نموذج معين منهما، لتشكل حرفاً أو رقماً. ويعتمد العديد من الحواسب الحديثة، والساعات الرقمية، على مُظْهِرَات بلُّورية سائلة، تستهلك قدرة أقل من الصمامات الثنائية الآنفة؛ لكنها لا تُرى إلا في وجود ضوء مباشرٍ؛ نظراً إلى أنها لا تبعث الضوء من نفسها. 4. اللوحات الكهروضوئية تتألف من طبقات، من مواد فوسفورية، تُحشر بين صفيحة معدنية وطلاء شفاف، يوصِّل الكهرباء. وعندما تسري الكهرباء عبْر الصفيحة ومادة الطلاء، فإن المواد الفوسفورية، تنتج سطوعاً ذا لون أخضر، مائل إلى الزرقة. وتستهلك هذه اللوحات طاقة قليلة. ولكن ضوء لوحة عالية السطوع، هو دون ضوء أصغر مصباح عادي. وتستخدم هذه اللوحات أضواء ليلية، وفي لوحات القياس والأجهزة، في بعض الطائرات والسيارات. خلال منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، حاول عدد من المخترعين إنتاج الضوء من الكهرباء. فتمكن العديد من الرواد من تطوير مصابيح متوهجة، تعمل بالبطاريات؛ ولكنها كانت سريعاً ما تحترق. لم يقتصر الاستخدام الشائع للضوء الكهربائي، على وجود مصباح؛ وإنما تطلّب، كذلك، طريقة رخيصة، لتوزيع الكهرباء على أصحاب المصابيح. وفي عام 1879، اخترع العالم الأمريكي، توماس إديسون، مصباحه المتوهج، ذا الفتيلة المكونة من خليط كربوني، فأصبح مخترع الضوء الكهربائي. وخلال السنوات الأولى من القرن التاسع عشر الميلادي، طور إديسون أول محطة لتوليد الكهرباء وتوزيعها. وكانت هذه المحطة تقع في شارع بيرل، في مدينة نيويورك. وبدأت عملها عام 1882. وبعد ذلك، وفي أوائل سني القرن العشرين، بدأ المهندسون يُجْرُون التجارب، لتطوير مناحي الإضاءة الكهربائية، باستخدام مصابيح التفريغ الغازي. وقد أدّى عملهم هذا إلى تطوير المصابيح الفلورية، ومصابيح بخار الزئبق، في الثلاثينيات من القرن العشرين. واكتُشفت الإضاءة الكهربائية، عام 1936. أما المُظهِرَات البلورية السائلة، والصمامات الثنائية المشعة الضوء، فقد أمكن تطويرها، نتيجة للأبحاث، التي أُجريت باستخدام نبائط شبه موصلة، في الستينيات من القرن العشرين. أما في سبعينيايته، فقد تمكن الباحثون من تطوير مصادر ضوء فاعلة، مثل مصابيح الهاليد المعدنية، ومصابيح تفريغ الصوديوم عالية الضغط. 5. الضوء المستقطب هو موجات ضوئية، ذات ترتيب بسيط، منتظم. أما موجات الضوء العادي، فهي ترتيب معقد، غير منتظم. وسواء كان مصدر الضوء العادي، هو الشمس، أو مصباحاً ضوئياً، فإنه يتكون من موجات غير منتظمة، تتذبذب في كل الاتجاهات المتعامدة على شعاع الضوء. لكن الضوء المستقطب، يتكون من موجات منتظمة، تتبذب في اتجاه واحد فقط. ويتيح تركيبه المنتظم استخدامه في نواحٍ، لا يمكن استخدام الضوء العادي فيها. وعلى سبيل المثال، يمكن اكتشاف التركيب الفيزيائي الداخلي، لكثير من المواد الشفافة، باستخدام الضوء المستقطب. أما مستقطبات الضوء، فهي أجهزة قوية، تُستخدم في العلم، وفي الصناعة، وفي الحياة اليومية. أ. طريقة استقطاب الضوء لفهْم عملية الاستقطاب، لا بدّ من النظر إلى شعاع الضوء، على أنه سلسلة من الموجات الكهرومغناطيسية؛ وتتذبذب المغناطيسية المكونة لهذه الموجات، في اتجاه متعامد على مسار الشعاع. والمثال البسيط لهذه الموجات، يمكن صنعه من طريق ربط أحد الحبال بحائط، ثم هزّ الطرف الآخر للحبل؛ فإن كل جزء من الحبل، سيتحرك في كل الاتجاهات المتعامدة على طوله. وتسمى الموجات، التي تتذبذب بهذه الطريقة، الموجات المُسْتَعرَضة. يتذبذب الضوء المستقطب في اتجاه عمودي على مساره، ومن الممكن استقطاب الضوء العادي، بتمريره من خلال مرشح خاص باستقطاب الضوء. ويسمح هذا المرشح بالمرور للموجات، التي تتذبذب في اتجاه عمودي واحد فقط؛ لأن تركيب المرشح المستقطب، يحول دون مرور موجات الضوء الأخرى، التي تتذبذب في اتجاهات عمودية أخرى. وبعبارات علمية، فإن المرشح المستقطب للضوء، يسمح بالمرور من خلاله لـ (مكونات)، أو (أجزاء) الموجات الضوئية، التي تتذبذب في (اتجاه ذبذبة) واحد فقط. أما مكونات الموجات، التي تتذبذب في كل الاتجاهات الأخرى، فإنه يحجبها. ويسمى الضوء، الذي يمر من خلال المرشح المستقطب للضوء، الضوء المستقطب. وجميع الذبذبات، التي تمر من خلال المرشح المستقطب للضوء، تتذبذب في اتجاه واحد، مُواز للحبَيْبة البصرية في المرشح، والتي تُعَدّ محور البث فيه. ويمكن الضوء المستقطب، أن يمر كله، من خلال مرشح استقطاب ثانٍ، مروراً، يكون فيه محوره البصري موازياً للمحور البصري في المرشح الأول. ولكن إذا تحرك مرشح الاستقطاب الثاني حركة دائرية، كالعجلة، فإنه سيؤدي، تدريجاً، إلى تعتيم الضوء المارّ من خلاله. وسيؤدي المستقطب الثاني إلى قطع الضوء كلية، عندما يتقاطع محوره، بزاوية 90ْ، مع محور المستقطب الأول. ويحدث الإعتام ثم القطع؛ لأن كل مستقطب من المستقطبات سيعمل على امتصاص جميع مكونات الضوء، التي لا تتذبذب متوازية مع محوره. ونتيجة لهذا، فإن البريق الصادر عن شعاع الضوء، يخبو، تدريجاً، عندما يتقاطع محور المستقطب الثاني تقاطعاً عرضياً، مع محور البث في المستقطب الأول. وعلى هذه الظاهرة؛ بُنِيَ كثير من استخدامات الضوء المستقطب. فالقدر الأكبر من الضوء المحيط بنا هو ضوء مستقطب بالفعل. أما الانعكاسات، الشبيهة بانعكاسات المرايا، الصادرة عن السطوح الأفقية اللامعة، كسطوح الأرصفة، وسطح الماء، فهي تتكون، إلى حدّ كبير، من ضوء جرى استقطابه، أفقياً، خلال عملية الانعكاس. والنظارات الشمسية المستقطبة نتيجة وضع محور بثها وضعاً رأسياً، تغلق الضوء المستقطب أفقياً، الذي يحدث الانعكاسات اللامعة. ويستخدم المصورون الضوئيون مرشحات استقطاب، لإخماد الوهج، وكذلك الانعكاسات الصادرة عن السطوح اللامعة، كسطوح النوافذ، وسطوح الماء. ب. مواد الاستقطاب تتكون أوسع مستقطبات الضوء انتشاراً، من ألواح رقيقة من البلاستيك. ويحتوي لوح البلاستيك النموذجي، على ملايين من سلاسل طويلة، رقيقة، من جزيئات اليود المصفوفة بإحكام، وتعمل كل من هذه السلاسل مرشح استقطاب مفرداً. وقد ساعدت ألواح الاستقطاب على توسيع مجال استعمال الضوء المستقطب، إلى درجة كبيرة، بسبب انخفاض نفقتها، وحجمها المريح. وقد نجح أدوين هـ. لاند، مخترع كاميرا لاند بولارويد، في اختراع أول لوح استقطاب، عام 1928، حين كان في التاسعة عشرة من عمره. ويمكن بعض البلورات الطبيعية، مثل التورمالين، أن تستقطب الضوء. فالتورمالين، يسمح بمرور المكونات، التي تقع في اتجاه ذبذبة واحد، ويحجب المكونات الأخرى، بامتصاصها، داخلياً، من بلورات الاستقطاب الطبيعية الأخرى. وهناك الكلسيت، أو السبار الأيسلندي، ويقسم الضوء شعاعَين مستقطبين متعامدين على بعضهما. ويقطع منشور بيكول، من اليسار الأيسلندي، بحيث يمكن التخلص من أحد هذَين الشعاعَين. ج. استعمالات الضوء المستقطب اقترح العلماء استخدام الزجاج المستقطب، في صناعة الكشافات الأمامية للسيارات؛ وكذلك في صناعة الزجاج الأمامي، ليحجب وهج أضواء السيارات المقتربة، أثناء القيادة. ويمكن العلماء أن يدرسوا تركيب كثير من المواد الشفافة، بمعونة مرشحات الاستقطاب المتقاطعة عرضياً. وتستخدم المجاهر المزودة بالمستقطبات، في إظهار كثير من البلورات عديمة اللون؛ وكذلك كشف العينات البيولوجية في ضوء ساطع. ومكشاف الاستقطاب آلة مزودة بمستقطبات، تستعمل في الكشف عن مواطن الإجهاد (نقاط الشعف) في المصنوعات الزجاجية، مثل عدسات النظارات والأدوات المعملية. ويمكن علماء الكيمياء، أن يحددوا نوع السكر ومقداره، في محلول من المحاليل، باستعمال مقياس السُّكر، وهو مكشاف استقطاب من نوع خاص. وهناك نوع خاص من مرشحات الاستقطاب الدائري، تُستخدم في أجهزة الرادار، لاصطياد الانعكاسات غير المرغوب فيها.
كان العلماء، خلال القرن التاسع عشر، يظنون أن الضوء موجة، تنتقل كما تنتقل الموجة المائية. وراجت هذه النظرية الموجية للضوء، لأنها مكّنت العلماء من تفسير ظاهرة نمط التداخل، وهي خطوط ساطعة وأخرى مظلمة، تحصل عليها العلماء من التجارب الضوئية. وإذا كان الضوء موجة، فما هي هذه الموجة؟ أمّا موجات الماء فسهلة التفسير؛ لأنها تسير خلال سطح الماء، بينما الماء نفسه يتحرك إلى الأعلى والأسفل. وبالنسبة إلى علماء القرن التاسع عشر، كان الضوء يبدو مختلفاً عن موجات الماء، بسبب انتقاله في الفضاء، من الشمس والنجوم الأخرى، إلى الأرض؛ فافترضوا أن موجات الضوء، يجب أن تنتقل خلال مادة، كانتقال الموجات المائية خلال الماء. وأطلق العلماء على هذه المادة اسم الأثير، على الرغم من أنهم لم يتوصلوا إلى ما يثبت وجودها. واستطاعوا، في نهاية القرن التاسع عشر، التوصل إلى أن موجات الضوء، تتألف من مناطق، تُعرف بالمجالات الكهربائية والحقول المغناطيسية
يبدأ النموذج البسيط لموجة الضوء، بشعاع (خط مستقيم)، يوضح اتجاه انتقال الضوء. وتمثّل الأسهم القصيرة، الموجودة على طول الشعاع، والمتعامدة (زاوية قائمة) عليه، المجال الكهربائي. ويشير بعضها إلى الأعلى من الشعاع، وبعضها الآخر إلى الأسفل منه. وهي تختلف في الطول، لذلك، فإن النمط الكلي لرؤوس الأسهم، يُشْبه الموجة. والأسهم التي تمثّل الحقل المغناطيسي، تشبه، كذلك، الموجة؛ ولكنها تكوِّن زاوية قائمة، مع الأسهم، التي تمثل الحقل الكهربائي. وهذا النمط، يتحرك خلال الشعاع، وهو الضوء. أثبتت التجارب، في بداية القرن العشرين، أن العلماء تخلوا عن فكرة الأثير. وأدركوا أن موجة الضوء، بوصفها نمطاً منتظماً من الحقول، الكهربائية والمغناطيسية، يمكن أن تنتقل عبْر الفضاء. تشبه موجات الضوء الأنواع الأخرى من الموجات، في بعض صورها، مثل الطول الموجي والتردد والسعة. فالطول الموجي هو المسافة لخط مستقيم، من قمة الموجة إلى القمة التي تليها. وتردد الموجة هو عدد المرات، التي تمرّ خلالها القمة من نقطة ثابتة، في الثانية. وسعة الموجة هي أكبر مسافة للقمة أو القاع (النقطة السفلى من الشعاع). وأبسط علاقة موجودة بين تردد الموجة والطول الموجي، هي: كلما ازداد التردد، قلّ الطول الموجي. وتعتمد طاقة الموجة على سعتها، فكلما ازدادت السعة، احتوت الموجة طاقة أكبر. وطاقة موجة الضوء هي، كذلك، مقياس لترددها، والطول الموجي هو الذي يحدد لون الضوء. 1. الفوتونات اقترح العالم الفيزيائي الألماني المولد، ألبرت أينشتاين، عام 1905، نموذجاً للضوء، ويشابه تماماً النموذج الموجي. يتصرف الضوء، في بعض التجارب، كما لو أنه جسيمات، ويسمي هذا النوع من الجسيمات، الآن، الفوتونات. وفي نموذج أينشتاين فإن شعاع الضوء هو المسار الذي يسلكه الفوتون. فمثلاً، عندما يرسل المصباح شعاعاً من الضوء، خلال غرفة مظلمة، فإن شعاع الضوء، يتألف من عدد كبير من الفوتونات، يسير كلٌّ منها في خط مستقيم. فهل الضوء موجات أو جسيمات؟ فيما يبدو، لا يمكن أن يكون الشيئين معاً؛ لأنهما مختلفان اختلافاً تاماً. ولعل أفضل إجابة، أن الضوء لا هذا، ولا ذاك. ويتصرف الضوء، في بعض التجارب، كما لو أنه موجة، وفي بعضها الآخر، كما لو أنه جسيمات. وللضوء في الفراغ سرعة واحدة، بعكس الأنواع الأخرى من الموجات، وهي أقصى سرعة ممكنة لأي شيء. ولا يفهم العلماء منه هذه الحقيقة. والحقيقة التي تنص على أن الضوء في الفراغ، يملك سرعة واحدة، هي واحد من أُسُس النسبية، لأينشتاين. عندما يدخل الضوء مادة، يصطدم بالذرات، التي تعطل سيره؛ إلا أنه يسير بسرعته المعتادة، بين ذرة وأخرى. 2. الموجات الكهرومغناطيسية يسمى الضوء موجات كهرومغناطيسية، لأنه يتألف من مجال كهربائي، وحقل مغناطيسي. ويطلق مصطلح الضوء، عادة، على الموجات الكهرومغناطيسية المرئية فقط. ويجب أن يحتوي الضوء المرئي، على قيم أطول موجية، في نطاق محدود وضيق، يسمى الطيف المرئي. ويملك الضوء البنفسجي أقصر الأطوال الموجية المرئية؛ بينما يملك الضوء الأحمر أطول طول موجي. وتقع بين هذَين بقية الألوان الأخرى من الطيف، ولكل منها طول موجي خاص. وبرؤية هذه الألوان جميعها، في وقت واحد، فإنها تبدو بيضاء اللون. ويحتوي ضوء الشمس على جميع هذه الألوان، وهو أبيض؛ ولكن، عندما يمرّ خلال شكل خاص، شفاف وصلب، فإنه يُسمى المنشور؛ إذ إن الألوان تنفصل، ويمكن، عندئذٍ، رؤيتها. ويكون الطيف المرئي جزءاً صغيراً فقط، من النطاق الكامل للموجات الكهرومغناطيسية. وتُسمى الموجات ذات الأطوال الموجية القصيرة جداً، ولا تكاد تُرى، بالموجات فوق البنفسجية. وتسبب هذه الأشعة السَّفع[1] وحروق الشمس وسرطان الجلد. وتسمى الموجات ذات الطول الموجي، الأقصر من الشعاع فوق البنفسجي، الأشعة السينية، التي يمكنها اختراق جسم الإنسان. ويستخدم الأطباء، ولا سيما أطباء الأسنان، هذه الأشعة، لرؤية ما في داخل الجسم. أما أشعة جاما، فهي ذات أطوال موجية، أقصر من الأطوال الموجية للأشعة السينية، وتنتج من التفاعلات النووية، مثل التي تحدث في الشمس. والموجات التي تزيد أطوالها الموجية قليلاً على الأطوال الموجية للضوء الأحمر، تُسمى الأشعة تحت الحمراء. وعندما تقف تحت أشعة الشمس المشرقة، أو أمام نار، فإنك ستشعر بدفء تام، وذلك بسبب تعرضك للأشعة تحت الحمراء. والموجات الدقيقة (الموجات المتناهية الصغر، أو الميكرووف)، والراديوية، لها أطوال موجية أطول من الموجات تحت الحمراء. ويسلِّط فرن الموجات الدقيقة (الميكرووف) موجاته الدقيقة، على الطعام، لتسخينه؛ ويسلط الشرطي المسؤول عن وحدة الرادار، موجات دقيقة على السيارة، لقياس سرعتها. وترسل برامج وهيئات محطات الإذاعة والتليفزيون الموجات الراديوية. ينفصل ضوء الشمس إلى ألوانه المختلفة، من خلال المنشور، الذي يعطي طيفاً مستمراً. ويمتزج الطيف، تدريجاً، بين اللون واللون الذي يليه، بين البنفسجي والأحمر. ومعظم المصادر الأخـرى، لا تستطيع أن تنتج طيفاً مستمراً. فمثلاً، يمكن مصباح إنارة الشوارع، أن يعطي اللونَين، الأصفر والأزرق، وبعض الألوان المعتمة؛ ولكنها تحتوي، كذلك، على مناطق مظلمة في طيفها. وتتولد هذه الألوان من ذرات محددة، في الغاز الموجود داخل المصباح؛ فيتولد الضوء الأصفر، مثلاً، من ذرات الصوديوم. وكلٌّ نوع من الذرات، يمكنه أن ينتج ألواناً محددة فقط. ويمكن العلماء أن يعرفوا أنواع الذرات، التي تؤلف مصدر الضوء، من خلال ملاحظة الألوان الموجودة في الضوء. وتسلط الألوان خلال جهاز، يُسمى مقياس الطيف، لفصل الألوان. ومقياس الطيف منشور بسيط، وقد يكون جهازاً أكثر تعقيداً. ويحتوي الطيف، في بعض الأحيان، على فجوات، ذلك لأن ضوء المصدر، يكون قد سار خلال غاز، يمتص، بدوره، ألواناً محددة. فلو سُلط ضوء الشمس، مثلاً، خلال مقياس طيف عالي الجودة، فإن طيفه سيحتوي على الآلاف من هذه الفجوات؛ إذ إن الضوء الناتج من الشمس، سيمر خلال فضائها الخارجي، حتى يصل إلى الأرض. وكلُّ نوع من الذرات، في المحيط الشمسي، يمتص ألواناً محددة؛ وبمعرفة الألوان التي اختفت، يحدد العلماء نوعية الذرات الموجودة في ذلك المحيط,
خواص الضوء خواصّ الضوء يسمى علم دراسة الضوء البصريات. وبمعرفة خواصّ الضوء، تمكَّن العلماء من معرفة كيفية هندسة أنواع مختلفة من الأجهزة الضوئية، التي تساعد على دراسة الكون. فعلى سبيل المثال، يمكن، عبر المجهر، رؤية الأشياء الصغيرة جداً، مثل الكائنات الحية أحادية الخلية. أما بوساطة المقراب (التليسكوب)، فيمكن رؤية الأجرام السماوية البعيدة، ذات الأحجام الكبيرة، كالمجرات والكواكب السيارة. ويساعد علم البصريات على فهْم حاسة البصر، وألوان السماء، وبريق الألماس، والعديد من الكائنات.
عندما يصل الشعاع من الضوء إلى سطح، يفصل بين نوعَين من المواد، مثل الهواء والزجاج، يمكن أن ينعكس جزء منه من السطح، بينما يمرّ جزء من خلاله. أما الضوء الذي يدخل الوسط الثاني، فينكسر (يغير اتجاه مساره)، إضافة إلى إمكانية امتصاص جزء منه، بوساطة الجزيئات، الموجودة على السطح، أو داخل الوسط الثاني. وتسمح المادة الشفافة بمرور الأشعة الضوئية، من دون اختلاطها، فيمكن الرؤية من خلالها. أما المواد شبه الشفافة، فهي تسمح، كذلك، لأشعة الضوء بالمرور من خلالها؛ ولكنها تؤدي إلى اختلاطها، فلا يمكن الرؤية، بوضوح، من خلال هذه المواد. أما المواد غير الشفافة، أو المعتمة، فإنها تمنع الضوء من المرور. يشبه انعكاس الضوء على سطح، ارتداد الكرة عند طرف منضدة البلياردو. تخيَّل خطاً عمودياً على سطح الانعكاس؛ مثل هذا الخط، يسمى العمودي، وتسمى الزاوية المحصورة بين مسار الشعاع الساقط والعمودي، زاوية السقوط. ويكون الشعاع المنعكس الزاوية نفسها، بالنسبة إلى العمودي، مثل الشعاع الساقط، ولكن من الجهة الأخرى منه. ويعمل الانعكاس بالطريقة نفسها، حتى لو كانت الأسطح خشنة. فأي مكان ينعكس الشعاع من سطحه، فإن الزاوية، التي تكون مع العمودي، عند نقطة السقوط، تساوي زاوية السقوط. عندما ينعكس الضوء من سطح أملس، فإن جميع أشعته، تنعكس في الاتجاه نفسه. وعندما ينعكس الضوء من سطح خشن، فإن أشعته، تنعكس في اتجاهات عديدة؛ ذلك لأن الأعمدة عند جميع نقاط السقوط، تسير في اتجاهات عديدة. لذلك، يمكنك أن ترى صورتك في المـرآة، بينما لا يمكن أن تراها في قطعة من الورق. وعندما يمرّ الضوء، يسير من خلال نوعيات مختلفة من الجزيئات؛ فإذا مرّ، مثلاً، من هواء إلى زجاج، فإن سرعته تقلّ؛ ذلك لأن جزيئات الزجاج أكثر كثافة من جزيئات الهواء. وإذا دخل الضوء، في أي زاوية، عدا الزاوية القائمة، فإن التغير في سرعته، يغير اتجاه، سيره، أو بمعنى آخر، فإن الضوء ينكسر. وعندما يمرّ الشعاع من الهواء إلى الزجاج، فإنه يميل في اتجاه عمودي على السطح؛ ويعتمد مقدار الانحناء على نوعية المادة، الداخل إليها الشعاع. ينكسر الضوء في الأنواع المختلفة، من الزجاج والبلاستيك. ولملاحظة الانكسار، ضع قلم رصاص في كأس مملوءة بالماء، ثم اُنظر إليه، من أعلى، ومن جهة واحدة، فسيبدو وكأنه انحنى عند سطح الماء. ويأتي الضوء من الجزء الأعلى من القلم مباشرة إلى العين، بينما يمرّ شعاع الجزء الأسفل، من خلال السطح الفاصل بين الماء والهواء، الذي عنده ينكسر الشعاع؛ ولذلك، يبدو كأنه يأتي من أسفل قلم الرصاص، منحنياً عند قمته. تمتص المواد المعتمة ألواناً محدَّدة من الضوء. فيبدو الكتاب ذو الجلد الأحمر، والمعرَّض للضوء الأبيض، أحمر؛ لأن الجزيئات الموجودة على السطح، تمتص جميع الألوان الأخرى للضوء. وتتغير الطاقة الممتصة من الضوء، بسرعة، إلى حرارة، وتُسخِّن السطح. وتمتص المواد الشفافة، كذلك، ألواناً محددة، إذا كانت تحتوي على ألوان أو أصباغ. 2. الاستطارة عندما تصطدم أشعة الضوء بالذرات، أو الجزيئات، أو الأجسام الصغيرة، ترسل هذه الأجسام الأشعة في اتجاهات جديدة، وهذا يسبب استطارة الأشعة. وتبدو السماء صافية زرقاء؛ وذلك لأن معظم الأشعة الزرقاء، تستطير في اتجاه الأرض عبر جزيئات الهواء، على عكس الألوان الأخرى في ضوء الشمس. والشمس عندما تكون قريبة من الأفق، تبدو وكأنها برتقالية أو حمراء؛ وذلك لأن الضوء، الذي يصل إلى الناظر، يكون قد فقد معظم الألوان الأخرى، من خلال الاستطارة. 3. التداخل يعرف الضوء، في معظم الحالات، بأنه موجات، لكل منها قمة وقاع. فعندما تمرّ موجتان ضوئيتان من خلال نقطة واحدة، فإنهما تتداخلان. وإن اتفق مرور قمتَهما، في وقت واحد، فإنهما تجتمعان، لتعطيا قمة كبرى؛ وتُسمى هذه العملية التداخل البَنَّاء، وتعطي ضوءاً ساطعاً، أكثر مما تعطيه أي موجة منفردة. وإن اتفق مرور قمة إحداهما وقاع الأخرى، بتلك النقطة، فإن القاع سيقلل من ارتفاع القمة، ويترك النقطة معتمة أو مظلمة، وتسمى هذه العملية بالتداخل الهدام. وظاهرة التداخل، التي ينتج منها سطوع الضوء أو اضمحلاله، هي من أقوى الحجج، التي تؤيد النظرية الموجية للضوء. وتنتج جميع أنواع الموجات أنماطاً من التداخل، البَنَّاء والهدَّام، حينما تمرّ من خلال فتحتَين صغيرتَين متجاورتَين. وقد برهن العالم الإنجليزي، توماس يونج، في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، على الطبيعة الموجية للضوء، بإرسال شعاع ضوئي، من خلال فتحتَين ضيقتَين، إلى شاشة. فإذا كانت طبيعته غير موجية، فإنه يظهر على الشاشة، كنقطتَين ساطعتَين ضيقتَين، كل واحدة منهما تخرج من فتحة. لكن الواقع، أنه عندما يخرج الضوء من كل فتحة، فإنه ينتشر مع الضوء الآخر، وتمتلئ الشاشة بخطوط مضيئة وأخرى معتمة، تسمى الأهداب. تتكون أهداب لامعة، عندما تصل الموجتان، قمة مع قمة، لتعطيا تداخلاً بَنَّاءً. وتتكون أهداب معتمة، عندما تصل الموجتان، قمة مع قاع، لتعطيا تداخلاً هداماً. 4. الحُيُوْدُ ينتشر الضوء، الذي يمرّ عبْر كل فتحة في تجربة يونج، ويسمى هذا النوع من الانتشار الحُيُوْدُ. فالحُيُوْدُ، كما في التداخل، ناتج من الحقيقة، التي تنص على أن الضوء، يتصرف كموجة. وتنتشر موجة الضوء قليلاً، عندما تسير من خلال فتحة صغيرة، أو حول جسم صغير، أو تمرّ من خلال حافة. وتنتشر، كذلك، موجات المياه، لكن الفتحات والأجسام، التي تسبب الانتشار، يجب أن تكون أكبر من تلك التي في حالة الضوء. ويمكن أن يكون حُيُوْدُ الضوء أمراً مزعجاً. افترض أنك حاولت رؤية جسم صغير جداً، بوساطة مجهر ذي كفاءة عالية. فكلما ازدادت قدرة التكبير لرؤية الجسم عن قرب أكثر، فإنه تبدو على حافات الجسم غشاوة. وكل حافة مُغَشَّاة، سببها أن الضوء ينكسر، عندما يمرّ من خلال الحافة، في طريقه إلى العين. من ناحية أخرى، يخدم الحُيُوْدُ دراسة ألوان شعاع الضوء، إذا استخدمت نبطية، تسمى محزوز الحُيُوْدُ. ويحتوي المحزوز على آلاف الفتحات النحيفة، التي تعطي الضوء. يحيد كل لون في الضوء بكمية مختلفة قليلاً، وانتشار الألوان بهذا الكبر، يجعل في الإمكان رؤية كل لون. ويستخدم محزوز الحُيُوْدُ في التليسكوبات، التي تفصل الألوان في الضوء القادم من النجوم، وهذا يُمكِّن العلماء من دراسة المواد، التي تتألف منها النجوم. 5. التَشَتُّت (التقزح) هو فصل الضوء إلى ألوانه. فإن تشتُّت الضوء الأبيض، يفصل الألوان في الطيف المرئي الكامل. وإحدى طرق تشتيت الضوء، هي إرساله من خلال منشور. فالألوان المختلفة، تنكسر بقيم مختلفة؛ ولذلك، تنفصل الألوان. والحيود والاستطارة، يمكنهما، كذلك، تشتيت الضوء (أُنظر شكل الضوء الأبيض والطيف المرئي). 6. الاستقطاب يتضمن ترددات (التغيرات المنتظمة القوة) الحقول الكهربائية، التي تؤلف موجات الضوء. ويمكن تحديد اتجاهات الترددات، بوساطة الأسهم. وفي معظم الضوء المرئي، تتخذ الأسهم اتجاهات متعددة، وتكون عمودية على مسار الشعاع. ومثل هذا الضوء، يكون غير مستقطب. ويبقى عدد قليل من هذه الأسهم، ينعكس من الأسطح، عند زاوية معينة، أو يستطير من جزيئات الهواء. وإذا كانت الأسهم تشير في اتجاه واحد، أو اتجاه معاكس له، فإن الضوء يكون مستقطباً. افترض عندما ينعكس ضوء الشمس من الطريق إليك، أن أسهمه تشير إلى يسارك، تحتوي على مصفيات الاستقطاب، فهذه تمنع الضوء من التذبذب، شمالاً أو يميناً. 7. التأثيرات الكيماوية للضوء (أُنظر شكل تغيرات الضوء الكيمائية) يمكن طاقة الضوء تغيير أسطح المواد، كيماوياً، من خلال امتصاصها. فعلى سبيل المثال، يغيّر الضوء، كيماوياً، جزيئات حبيبات الفضة للفيلم الضوئي؛ ولذلك، يمكن تسجيل الصورة عليه. ويمكن الضوء القوي، أن يجعل ألوان الأقمشة شاحبة بتغيير صبغتها، كيماوياً. وشبكية العين تتغير، كيماوياً، بوساطة الضوء؛ ولذلك، فإن الشبكية تنتج إشارات، بالنسبة إلى البصر. والضوء عامل ضروري للتركيب الضوئي في النباتات، ويمثل العملية اللازمة لإنتاج الغذاء. 8. الظاهرة الكهروضوئية والموصِّلية الضوئية (أُنظر شكل الظاهرة الكهروضوئية للضوء) عندما تمتص مواد معينة الضوء، فإن طاقته تحرِّر الإلكترونات الحرة، في بعض الأجهزة، من خلال دائرة، في صورة تيار كهربائي. وتعمل الخلايا الشمسية، والخلايا الكهروضوئية، بوساطة التأثير الكهروضوئي. وتسمى بعض المواد موصِّلات ضوئية، وتصبح موصلات جيدة للكهرباء، عندما يسلط عليها الضوء.
يقيس العلماء الطول الموجي للضوء، بمقاييس متنوعة، من الوحدات المترية والإمبراطورية. وإحدى الوحدات المترية المعروفة، هي المايكروميتر، الذي يساوي 0.000001متر. والطول الموجي للضوء، في الطيف المرئي، محصور في المنطقة، من نحو 0.4 مايكروميتر للبنفسجي الغامق، إلى نحو 0.7 مايكروميتر للأحمر القاني. والتردد لأي موجة، يساوي نسبة سرعتها إلى طولها الموجي، ويقاس بوحدات، تسمَّى الهرتز. فالموجة لها تردد، يساوي هرتزاً واحداً، إذا كانت قمة واحدة، تمرّ من خلال نقطة محددة، في كلِّ ثانية. والموجة لها تردد، يساوي 100 هرتز، إذا كانت 100 قمة، تمرّ من خلال نقطة محددة للقياس، في كلِّ ثانية. يسير الضوء في الفراغ بسرعة 300 مليون متر، في الثانية، تقريباً. ولأن للضوء المرئي طولاً موجياً قصيراً، وسرعة عالية، فإن تردده يكون عالياً؛ فتردد الضوء البنفسجي، مثلاً، يساوي 750 مليون هرتز
استخدم العلماء وحدات مختلفة، في قياس سطوع مصدر الضوء، وكمية الطاقة في الشعاع الآتي من ذلك المصدر. تسمى كمية الضوء، المنتجة بوساطة أي مصدر ضوئي، شدة الاستضاءة لذلك المصدر؛ والوحدة المستخدمة في قياسها تسمى الشمعة. واتُّخذت شدة الاستضاءة، المنتجة بوساطة شمعة بحجم معين، مصنوعة من زيت الحوت، لسنوات عديدة، وحدة قياس ثابتة، وسُميت هذه الوحدة الشمعة؛ ومع ذلك، لم توفر شمعة زيت الحوت استخداماً بسيطاً وثابتاً، لقياسات الضوء. وتعرف الشمعة الواحدة، الآن، بأنها كمية الضوء المنطلقة من مصدر، ينبعث عند تردّد محدّد، (540 مليار هرتز)، وعند شدة محددة، (1/683 واطاً، لكل وحدة مساحة، تسمى ستيراديان). ولا تشير شدة ضوء المصدر، بالشموع، إلى مدى سطوع الضوء، عندما يصل إلى سطح جسم، مثل كتاب أو منضدة. وقبل قياس كثافة التدفق الضوئي، أو الدفق الضيائي (الضوء الساقط على السطح)، يجب قياس مسافة انتقال الضوء، من خلال الفراغ بين المصدر والجسم. ويمكن قياس شعاع الضوء بوحدة، تُسمى لومن. ولمعرفة كيفية قياس اللومن، تصوّر أن هناك مصدراً ضوئياً، في وسط تجويف كروي، وفي سطحه الداخلي مساحة، تساوي مربع نصف قطر الجسم الكروي. فإذا كان نصف القطر متراً واحداً، على سبيل المثال، وكان مصدر الضوء ذا شدة إضاءة، تساوي شمعة واحدة، فإن المساحة المقطوعة، ستحصل على فيض ضوئي (سرعة تدفق الضوء) يُقدَّر بلومن واحد. ويقيس المهندسون، في النظام المتري، كثافة التدفق الضوئي، بوحدات، تُسمى لكس. وتنتج كثافة تدفق ضوئي، مقدارها لكس واحد، لومناً واحداً من الضوء، على مساحة متر مربع واحد. ويستخدم في النظام الإمبراطوري، وحدات، تُسمى قدم ـ شمعة. وتنتج كثافة تدفق ضوئي، مقدارها قدم ـ شمعة واحدة، لومناً واحداً من الضوء، يسقط على مسافة، مقدارها قدم مربعة واحدة. تتغير شدة الضوء الساقط على مساحة، عكسياً، مع مربع المسافة بين المصدر والسطح. ولهذا، إذا ازدادت المسافة، قلّت كثافة التدفق الضوئي بمقدار مربع تلك الزيادة، وتُسمّى هذه العلاقة بقانون التربيع العكسي. فإذا كان السطح يحصل على لكس واحد من الضوء، على بعد مسافة من المصدر، مقدارها متر واحد، ثم أزيح لمسافة مترَين مربعَين من المصدر، فإنّ هذا السطح، سيحصل على لكس من الضوء؛ لأن الضوء سينتشر، خارجاً من المصدر على الرغم من أن الضوء يبدو، لحظة رفع ستارة النافذة كأنه ينتقل خلال الغرفة، فإنه، في الحقيقة، يستغرق بعض الوقت للانتقال عبْر مسافة. وسرعة الضوء، خلال الفراغ، الذي لا تعطّل فيه الذرات انتقاله ـ هي 299.792 كم/ث. ويقال عن هذه السرعة، إنها ثابتة؛ لأنها لا تعتمد على حركة مصدر الضوء. فعلى سبيل المثال، تكون للضوء المنبعث من مشعل كهربائي متحرك، السرعة نفسها للضوء المنبعث من مشعل كهربائي ثابت. ولا يعرف العلماء كُنْه هذه الحقيقة، وهي واحد من أُسُس نظرية أينشتاين في النسبية. اختلف الناس، منذ القدم، في سرعة الضوء: أهي محددة أم لانهائية. ولكن عالم الطبيعة الإيطالي، جاليليو، صمم، في أوائل القرن السابع عشر الميلادي، على تجربته لقياس سرعة الضوء، ليحسم الأمر. فأرسل أحد مساعديه إلى هضبة بعيدة، موصياً إياه بفتح غطاء "فانوس" يحمله، عندما يشاهد جاليليو، واقفاً على هضبة أخرى. وكان هدف العالم الإيطالي، أنه بمعرفته للمسافة بين الهضبتَين، يستطيع حساب سرعة الضوء، بوساطة قياسه للزمن، بين لحظة فتحه الغطاء ولحظة رؤيته ضوء "الفانوس" الثاني. وفشلت التجربة، على الرغم من أن تفكير جاليليو، كان معقولاً؛ إذ أن سرعة الضوء العالية جداً، أفسدت عليه حسبان الزمن القصير. أتى الفلكي الدانمركي، أولاوس رومير، نحو عام 1675، بشواهد، برهنت على أن الضوء، ينتقل بسرعة ثابتة (محددة). ولاحظ رومير، خلال عمله في باريس، أن الفترة الفاصلة بين اختفاء أقمار المشتري خلف الكواكب، يتغير بتغير المسافة بين المشتري والأرض؛ فأدرك أن السرعة الثابتة للضوء، تسبب هذا الاختلاف في الوقت الفاصل. وأشارت ملاحظاته إلى أن سرعة الضوء الثابتة، هي 226 ألف كم/ث، ويمثل هذا الرقم 25% من السرعة الفعلية. وتوصل الفيزيائي الأمريكي، ألبرت مايكلسن، عام 1926، إلى واحد من القياسات الدقيقة لسرعة الضوء؛ إذ استخدم مرآة، تدور بسرعة، تعكس الشعاع الضوئي إلى عاكس بعيد. ثم إن الشعاع انعكس مرة أخرى إلى الملاحظ، من خلال المرآة الدوارة. ثبَّت مايكلسن سرعة المرآة، لترجع إلى الزاوية الصحيحة، في خلال زمن مسار الضوء إلى العاكس، ورجوعه مرة أخرى. سرعة المرآة، إذاً، تشير إلى سرعة الضوء. استخدم مايكلسن، في الحقيقة، عدة مرايا على أسطوانة، جعل زاوية دورانها، أثناء انتقال الضوء إلى العاكس ورجوعه، صغيرة. واستنتج من ذلك، أن سرعة الضوء، تساوي 266796كم/ث. ونسبة الخطأ المحتمل في هذا الرقم، أقلّ من أربعة كيلومترات، لكل ثانية.
الضوء غير المرئي (الأشعة فوق البنفسجية) هو شكل غير مرئي من الضوء. وتقع هذه الأشعة، مباشرة، بعد النهاية البنفسجية للطيف المرئي. والشمس هي المصدر الطبيعي الرئيسي للأشعة فوق البنفسجية، التي تنبعث، كذلك، من الصواعق أو من أي شرارة كهربائية أخرى في الهواء. ويمكن توليد هذه الأشعة صناعياً، بإمرار تيار كهربائي من خلال غاز أو بخار، مثل بخار الزئبق. ويمكن أن تسبِّب الأشعة فوق البنفسجية حروقاً شمسية. كما أن التعرُّض الزائد لهذه الأشعة، قد يسبب سرطان الجلد. ومن ناحية أخرى، فإن الأشعة فوق البنفسجية تُحطِّم الكائنات الحية الضارة، ولها تأثيرات مفيدة أخرى. والأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية، هي أقصر من نظيرتها في الضوء المرئي. والطول الموجي، أي المسافة بين قمتَين متتاليتَين للموجة، يقاس، عادة، بوحدات، تُسمى نانومترات، يساوي النانومتر واحداً من المليون من المليمتر. وتراوح الأطوال الموجية للضوء المرئي، بين 400 و700 نانومتر، بينما تمتد الأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية من 1 إلى نحو 400 نانومتر. وعند إضاءة مادة ما بالأشعة فوق البنفسجية، فإن مدى امتصاص الأشعة في المادة، أو النفاذ منها، يحدده الطول الموجي للأشعة. فعلى سبيل المثال، الأشعة فوق البنفسجية ذات الأطوال الموجية الكبيرة، يمكنها النفاذ من خلال زجاج النوافذ العادي. ويمتص الزجاج الأشعة فوق البنفسجية، ذات الأطوال الموجية الأقصر؛ مع أن هذه الأشعة، يمكنها أن تنفذ من خلال مواد أخرى. تُعَدّ الأشعة فوق البنفسجية، التي تقصر أطوالها الموجية عن 300 نانومتر، فعالة في قتل البكتريا والفيروسات. وتستعمل المستشفيات مصابيح مبيدة للجراثيم، تولِّد هذه الأشعة القصيرة، لتعقيم الأجهزة الجراحية، والمياه، والهواء في غرف العمليات. كذلك، يستخدم كثير من شركات المواد الغذائية والأدوية، هذه المصابيح، لتطهير الأنواع المختلفة من المنتجات وعبواتها. ويؤدي التعرُّض المباشر للأشعة فوق البنفسجية، التي تقصر أطوالها الموجية عن 320 نانومتراً، إلى توليد فيتامين د (D) في الجسم البشري. واستخدم الأطباء، ذات مرة، المصابيح الشمسية، التي تولِّد الأشعة فوق البنفسجية، لمنع كساح الأطفال ومعالجته؛ ذلك المرض الذي يصيب العظام نتيجة نقص فيتامين د (D) وتُستخدم هذه المصابيح، اليوم، في معالجة بعض الاضطرابات الجلدية، مثل حبُّ الشَّباب والصدفية. ويستعمل بعض أجهزة الأشعة فوق البنفسجية، لتعرّف التركيب الكيماوي للمواد المجهولة. ويستخدم الباحثون من الأطباء هذه الأجهزة، لتحليل بعض المواد في الجسم البشري، بما في ذلك الأحماض الأمينية والإنزيمات والبروتينات الأخرى. وفي صناعة الإلكترونيات، تُستخدم الأشعة فوق البنفسجية، ضمن مراحل صناعة الدوائر المتكاملة. الأشعة فوق البنفسجية، الصادرة عن الشمس، التي تقصر أطوالها الموجية عن 320 نانومتراً ـ هي ضارة بالكائنات الحية خاصة. فالتعرض الزائد لها، يمكن أن يسبب تهيجاً مؤلماً للعين، أو التهاباً. وتقي العين من هذه الأشعة النظارات الشمسية، العالية الجودة. كما يسبب التعرض الزائد لها حروقاً مؤلمة. ويوفر الملانين (القتامين)، وهو خضاب بنّي اللون في الجلد، بعض الوقاية ضد الحروق الشمسية. وتمتص الغسولات الحاجبة للشمس، تلك الأشعة الحارقة. والتعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية، لمدة طويلة، يمكن أن يؤدي إلى سرطان جلدي، وإلى تغيُّرات أخرى في الخلايا البشرية. كما يمكن أن يؤدي، كذلك، إلى تدمير النباتات أو قتلها. ويمتص غاز الأوزون، وهو واحد من صور الأكسجين، في طبقات الجو العليا، معظم إشعاع الشمس فوق البنفسجي؛ ولولاه لربما دمرت الأشعة فوق البنفسجية، معظم الحياة، الحيوانية والنباتية.
من الناحية العلمية، تعدّ الأجسام، التي لها درجات حرارة أعلى من الصفر المطلق،أى -273 درجة مئوية، مصدراً للطاقة، في حيز الأشعة تحت الحمراء. وعموماً، فإن الأشعة تحت الحمراء هي منطقة من الطيف الكهرومغناطيسى، تبدأ من الحدود السفلى للون الأحمر، وحتى حدود الترددات الخاصة بالميكروويف microwaves، في حيز الموجات تحت الملليمترية. ومن المعروف أن حساسية العين للرؤية، تقع في نطاق الأشعة المرئية، التي طولها الموجي من 0.35 - 0.77 ميكرون. والضوء هو موجات كهرومغناطيسية، سرعتها 300 ألف كم في الثانية. وتنقسم الموجات الكهرومغناطيسية، حسب الطول الموجي، والتردد، إلى نطاقات Bands طيفية، تختلف فيها المواصفات الطبيعية. وهذه النطاقات الطيفية هي : الأشعة الكونية Cosmic Rays ـ أشعة جاما ـ أشعة أكس ـ الطيف الضوئي ـ الميكروويف ـ موجات الراديو. وينقسم الطيف الضوئي إلى ثلاثة أقسام رئيسة حسب الطول الموجي كالآتي: أ. من 0.01: 0.35 ميكرون أشعة فوق البنفسجية، غير مرئية. ب. من 0.35: 0.77 ميكرون أشعة الضوء المرئي. ج. من 0.77 ميكرون وحتى 1 مم، الأشعة تحت الحمراء، غير مرئية. وينقسم الضوء، حسب الطول الموجي، إلى الألوان التالية بالترتيب: بنفسجي/ سماوي/ أزرق/ أخضر/ أصفر/ برتقالي/ أحمر. 2. نطاقات الأشعة تحت الحمراء تنقسم الأشعة تحت الحمراء إلى ثلاثة نطاقات هي: أ. من 0.77: 2.5 ميكرون، نطاق قريب. ب. من 2.5: 5.6 ميكرون، نطاق متوسط. ج. من 5.6: 1000 ميكرون،نطاق بعيد. 3. نوافذ الأشعة تحت الحمراء عند انتشار الأشعة تحت الحمراء في الغلاف الجوي، فإنها تتعرض للامتصاص والتشتت، بسبب وجود جزيئات من بخار الماء، والأكسجين، والأوزون، وثاني أكسيد الكربون. وتأثير بخار الماء يقل مع الارتفاع عن سطح الأرض، حيث تقل نسبة تواجده في الغلاف الجوي مع الارتفاع عن سطح البحر.
كان العلماء، خلال القرن التاسع عشر، يظنون أن الضوء موجة، تنتقل كما تنتقل الموجة المائية. وراجت هذه النظرية الموجية للضوء، لأنها مكّنت العلماء من تفسير ظاهرة نمط التداخل، وهي خطوط ساطعة وأخرى مظلمة، تحصل عليها العلماء من التجارب الضوئية. وإذا كان الضوء موجة، فما هي هذه الموجة؟ أمّا موجات الماء فسهلة التفسير؛ لأنها تسير خلال سطح الماء، بينما الماء نفسه يتحرك إلى الأعلى والأسفل. وبالنسبة إلى علماء القرن التاسع عشر، كان الضوء يبدو مختلفاً عن موجات الماء، بسبب انتقاله في الفضاء، من الشمس والنجوم الأخرى، إلى الأرض؛ فافترضوا أن موجات الضوء، يجب أن تنتقل خلال مادة، كانتقال الموجات المائية خلال الماء. وأطلق العلماء على هذه المادة اسم الأثير، على الرغم من أنهم لم يتوصلوا إلى ما يثبت وجودها. واستطاعوا، في نهاية القرن التاسع عشر، التوصل إلى أن موجات الضوء، تتألف من مناطق، تُعرف بالمجالات الكهربائية والحقول المغناطيسية
يبدأ النموذج البسيط لموجة الضوء، بشعاع (خط مستقيم)، يوضح اتجاه انتقال الضوء. وتمثّل الأسهم القصيرة، الموجودة على طول الشعاع، والمتعامدة (زاوية قائمة) عليه، المجال الكهربائي. ويشير بعضها إلى الأعلى من الشعاع، وبعضها الآخر إلى الأسفل منه. وهي تختلف في الطول، لذلك، فإن النمط الكلي لرؤوس الأسهم، يُشْبه الموجة. والأسهم التي تمثّل الحقل المغناطيسي، تشبه، كذلك، الموجة؛ ولكنها تكوِّن زاوية قائمة، مع الأسهم، التي تمثل الحقل الكهربائي. وهذا النمط، يتحرك خلال الشعاع، وهو الضوء. أثبتت التجارب، في بداية القرن العشرين، أن العلماء تخلوا عن فكرة الأثير. وأدركوا أن موجة الضوء، بوصفها نمطاً منتظماً من الحقول، الكهربائية والمغناطيسية، يمكن أن تنتقل عبْر الفضاء. تشبه موجات الضوء الأنواع الأخرى من الموجات، في بعض صورها، مثل الطول الموجي والتردد والسعة. فالطول الموجي هو المسافة لخط مستقيم، من قمة الموجة إلى القمة التي تليها. وتردد الموجة هو عدد المرات، التي تمرّ خلالها القمة من نقطة ثابتة، في الثانية. وسعة الموجة هي أكبر مسافة للقمة أو القاع (النقطة السفلى من الشعاع). وأبسط علاقة موجودة بين تردد الموجة والطول الموجي، هي: كلما ازداد التردد، قلّ الطول الموجي. وتعتمد طاقة الموجة على سعتها، فكلما ازدادت السعة، احتوت الموجة طاقة أكبر. وطاقة موجة الضوء هي، كذلك، مقياس لترددها، والطول الموجي هو الذي يحدد لون الضوء. 1. الفوتونات اقترح العالم الفيزيائي الألماني المولد، ألبرت أينشتاين، عام 1905، نموذجاً للضوء، ويشابه تماماً النموذج الموجي. يتصرف الضوء، في بعض التجارب، كما لو أنه جسيمات، ويسمي هذا النوع من الجسيمات، الآن، الفوتونات. وفي نموذج أينشتاين فإن شعاع الضوء هو المسار الذي يسلكه الفوتون. فمثلاً، عندما يرسل المصباح شعاعاً من الضوء، خلال غرفة مظلمة، فإن شعاع الضوء، يتألف من عدد كبير من الفوتونات، يسير كلٌّ منها في خط مستقيم. فهل الضوء موجات أو جسيمات؟ فيما يبدو، لا يمكن أن يكون الشيئين معاً؛ لأنهما مختلفان اختلافاً تاماً. ولعل أفضل إجابة، أن الضوء لا هذا، ولا ذاك. ويتصرف الضوء، في بعض التجارب، كما لو أنه موجة، وفي بعضها الآخر، كما لو أنه جسيمات. وللضوء في الفراغ سرعة واحدة، بعكس الأنواع الأخرى من الموجات، وهي أقصى سرعة ممكنة لأي شيء. ولا يفهم العلماء منه هذه الحقيقة. والحقيقة التي تنص على أن الضوء في الفراغ، يملك سرعة واحدة، هي واحد من أُسُس النسبية، لأينشتاين. عندما يدخل الضوء مادة، يصطدم بالذرات، التي تعطل سيره؛ إلا أنه يسير بسرعته المعتادة، بين ذرة وأخرى. 2. الموجات الكهرومغناطيسية يسمى الضوء موجات كهرومغناطيسية، لأنه يتألف من مجال كهربائي، وحقل مغناطيسي. ويطلق مصطلح الضوء، عادة، على الموجات الكهرومغناطيسية المرئية فقط. ويجب أن يحتوي الضوء المرئي، على قيم أطول موجية، في نطاق محدود وضيق، يسمى الطيف المرئي. ويملك الضوء البنفسجي أقصر الأطوال الموجية المرئية؛ بينما يملك الضوء الأحمر أطول طول موجي. وتقع بين هذَين بقية الألوان الأخرى من الطيف، ولكل منها طول موجي خاص. وبرؤية هذه الألوان جميعها، في وقت واحد، فإنها تبدو بيضاء اللون. ويحتوي ضوء الشمس على جميع هذه الألوان، وهو أبيض؛ ولكن، عندما يمرّ خلال شكل خاص، شفاف وصلب، فإنه يُسمى المنشور؛ إذ إن الألوان تنفصل، ويمكن، عندئذٍ، رؤيتها. ويكون الطيف المرئي جزءاً صغيراً فقط، من النطاق الكامل للموجات الكهرومغناطيسية. وتُسمى الموجات ذات الأطوال الموجية القصيرة جداً، ولا تكاد تُرى، بالموجات فوق البنفسجية. وتسبب هذه الأشعة السَّفع[1] وحروق الشمس وسرطان الجلد. وتسمى الموجات ذات الطول الموجي، الأقصر من الشعاع فوق البنفسجي، الأشعة السينية، التي يمكنها اختراق جسم الإنسان. ويستخدم الأطباء، ولا سيما أطباء الأسنان، هذه الأشعة، لرؤية ما في داخل الجسم. أما أشعة جاما، فهي ذات أطوال موجية، أقصر من الأطوال الموجية للأشعة السينية، وتنتج من التفاعلات النووية، مثل التي تحدث في الشمس. والموجات التي تزيد أطوالها الموجية قليلاً على الأطوال الموجية للضوء الأحمر، تُسمى الأشعة تحت الحمراء. وعندما تقف تحت أشعة الشمس المشرقة، أو أمام نار، فإنك ستشعر بدفء تام، وذلك بسبب تعرضك للأشعة تحت الحمراء. والموجات الدقيقة (الموجات المتناهية الصغر، أو الميكرووف)، والراديوية، لها أطوال موجية أطول من الموجات تحت الحمراء. ويسلِّط فرن الموجات الدقيقة (الميكرووف) موجاته الدقيقة، على الطعام، لتسخينه؛ ويسلط الشرطي المسؤول عن وحدة الرادار، موجات دقيقة على السيارة، لقياس سرعتها. وترسل برامج وهيئات محطات الإذاعة والتليفزيون الموجات الراديوية. ينفصل ضوء الشمس إلى ألوانه المختلفة، من خلال المنشور، الذي يعطي طيفاً مستمراً. ويمتزج الطيف، تدريجاً، بين اللون واللون الذي يليه، بين البنفسجي والأحمر. ومعظم المصادر الأخـرى، لا تستطيع أن تنتج طيفاً مستمراً. فمثلاً، يمكن مصباح إنارة الشوارع، أن يعطي اللونَين، الأصفر والأزرق، وبعض الألوان المعتمة؛ ولكنها تحتوي، كذلك، على مناطق مظلمة في طيفها. وتتولد هذه الألوان من ذرات محددة، في الغاز الموجود داخل المصباح؛ فيتولد الضوء الأصفر، مثلاً، من ذرات الصوديوم. وكلٌّ نوع من الذرات، يمكنه أن ينتج ألواناً محددة فقط. ويمكن العلماء أن يعرفوا أنواع الذرات، التي تؤلف مصدر الضوء، من خلال ملاحظة الألوان الموجودة في الضوء. وتسلط الألوان خلال جهاز، يُسمى مقياس الطيف، لفصل الألوان. ومقياس الطيف منشور بسيط، وقد يكون جهازاً أكثر تعقيداً. ويحتوي الطيف، في بعض الأحيان، على فجوات، ذلك لأن ضوء المصدر، يكون قد سار خلال غاز، يمتص، بدوره، ألواناً محددة. فلو سُلط ضوء الشمس، مثلاً، خلال مقياس طيف عالي الجودة، فإن طيفه سيحتوي على الآلاف من هذه الفجوات؛ إذ إن الضوء الناتج من الشمس، سيمر خلال فضائها الخارجي، حتى يصل إلى الأرض. وكلُّ نوع من الذرات، في المحيط الشمسي، يمتص ألواناً محددة؛ وبمعرفة الألوان التي اختفت، يحدد العلماء نوعية الذرات الموجودة في ذلك المحيط,
خواص الضوء خواصّ الضوء يسمى علم دراسة الضوء البصريات. وبمعرفة خواصّ الضوء، تمكَّن العلماء من معرفة كيفية هندسة أنواع مختلفة من الأجهزة الضوئية، التي تساعد على دراسة الكون. فعلى سبيل المثال، يمكن، عبر المجهر، رؤية الأشياء الصغيرة جداً، مثل الكائنات الحية أحادية الخلية. أما بوساطة المقراب (التليسكوب)، فيمكن رؤية الأجرام السماوية البعيدة، ذات الأحجام الكبيرة، كالمجرات والكواكب السيارة. ويساعد علم البصريات على فهْم حاسة البصر، وألوان السماء، وبريق الألماس، والعديد من الكائنات.
عندما يصل الشعاع من الضوء إلى سطح، يفصل بين نوعَين من المواد، مثل الهواء والزجاج، يمكن أن ينعكس جزء منه من السطح، بينما يمرّ جزء من خلاله. أما الضوء الذي يدخل الوسط الثاني، فينكسر (يغير اتجاه مساره)، إضافة إلى إمكانية امتصاص جزء منه، بوساطة الجزيئات، الموجودة على السطح، أو داخل الوسط الثاني. وتسمح المادة الشفافة بمرور الأشعة الضوئية، من دون اختلاطها، فيمكن الرؤية من خلالها. أما المواد شبه الشفافة، فهي تسمح، كذلك، لأشعة الضوء بالمرور من خلالها؛ ولكنها تؤدي إلى اختلاطها، فلا يمكن الرؤية، بوضوح، من خلال هذه المواد. أما المواد غير الشفافة، أو المعتمة، فإنها تمنع الضوء من المرور. يشبه انعكاس الضوء على سطح، ارتداد الكرة عند طرف منضدة البلياردو. تخيَّل خطاً عمودياً على سطح الانعكاس؛ مثل هذا الخط، يسمى العمودي، وتسمى الزاوية المحصورة بين مسار الشعاع الساقط والعمودي، زاوية السقوط. ويكون الشعاع المنعكس الزاوية نفسها، بالنسبة إلى العمودي، مثل الشعاع الساقط، ولكن من الجهة الأخرى منه. ويعمل الانعكاس بالطريقة نفسها، حتى لو كانت الأسطح خشنة. فأي مكان ينعكس الشعاع من سطحه، فإن الزاوية، التي تكون مع العمودي، عند نقطة السقوط، تساوي زاوية السقوط. عندما ينعكس الضوء من سطح أملس، فإن جميع أشعته، تنعكس في الاتجاه نفسه. وعندما ينعكس الضوء من سطح خشن، فإن أشعته، تنعكس في اتجاهات عديدة؛ ذلك لأن الأعمدة عند جميع نقاط السقوط، تسير في اتجاهات عديدة. لذلك، يمكنك أن ترى صورتك في المـرآة، بينما لا يمكن أن تراها في قطعة من الورق. وعندما يمرّ الضوء، يسير من خلال نوعيات مختلفة من الجزيئات؛ فإذا مرّ، مثلاً، من هواء إلى زجاج، فإن سرعته تقلّ؛ ذلك لأن جزيئات الزجاج أكثر كثافة من جزيئات الهواء. وإذا دخل الضوء، في أي زاوية، عدا الزاوية القائمة، فإن التغير في سرعته، يغير اتجاه، سيره، أو بمعنى آخر، فإن الضوء ينكسر. وعندما يمرّ الشعاع من الهواء إلى الزجاج، فإنه يميل في اتجاه عمودي على السطح؛ ويعتمد مقدار الانحناء على نوعية المادة، الداخل إليها الشعاع. ينكسر الضوء في الأنواع المختلفة، من الزجاج والبلاستيك. ولملاحظة الانكسار، ضع قلم رصاص في كأس مملوءة بالماء، ثم اُنظر إليه، من أعلى، ومن جهة واحدة، فسيبدو وكأنه انحنى عند سطح الماء. ويأتي الضوء من الجزء الأعلى من القلم مباشرة إلى العين، بينما يمرّ شعاع الجزء الأسفل، من خلال السطح الفاصل بين الماء والهواء، الذي عنده ينكسر الشعاع؛ ولذلك، يبدو كأنه يأتي من أسفل قلم الرصاص، منحنياً عند قمته. تمتص المواد المعتمة ألواناً محدَّدة من الضوء. فيبدو الكتاب ذو الجلد الأحمر، والمعرَّض للضوء الأبيض، أحمر؛ لأن الجزيئات الموجودة على السطح، تمتص جميع الألوان الأخرى للضوء. وتتغير الطاقة الممتصة من الضوء، بسرعة، إلى حرارة، وتُسخِّن السطح. وتمتص المواد الشفافة، كذلك، ألواناً محددة، إذا كانت تحتوي على ألوان أو أصباغ. 2. الاستطارة عندما تصطدم أشعة الضوء بالذرات، أو الجزيئات، أو الأجسام الصغيرة، ترسل هذه الأجسام الأشعة في اتجاهات جديدة، وهذا يسبب استطارة الأشعة. وتبدو السماء صافية زرقاء؛ وذلك لأن معظم الأشعة الزرقاء، تستطير في اتجاه الأرض عبر جزيئات الهواء، على عكس الألوان الأخرى في ضوء الشمس. والشمس عندما تكون قريبة من الأفق، تبدو وكأنها برتقالية أو حمراء؛ وذلك لأن الضوء، الذي يصل إلى الناظر، يكون قد فقد معظم الألوان الأخرى، من خلال الاستطارة. 3. التداخل يعرف الضوء، في معظم الحالات، بأنه موجات، لكل منها قمة وقاع. فعندما تمرّ موجتان ضوئيتان من خلال نقطة واحدة، فإنهما تتداخلان. وإن اتفق مرور قمتَهما، في وقت واحد، فإنهما تجتمعان، لتعطيا قمة كبرى؛ وتُسمى هذه العملية التداخل البَنَّاء، وتعطي ضوءاً ساطعاً، أكثر مما تعطيه أي موجة منفردة. وإن اتفق مرور قمة إحداهما وقاع الأخرى، بتلك النقطة، فإن القاع سيقلل من ارتفاع القمة، ويترك النقطة معتمة أو مظلمة، وتسمى هذه العملية بالتداخل الهدام. وظاهرة التداخل، التي ينتج منها سطوع الضوء أو اضمحلاله، هي من أقوى الحجج، التي تؤيد النظرية الموجية للضوء. وتنتج جميع أنواع الموجات أنماطاً من التداخل، البَنَّاء والهدَّام، حينما تمرّ من خلال فتحتَين صغيرتَين متجاورتَين. وقد برهن العالم الإنجليزي، توماس يونج، في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، على الطبيعة الموجية للضوء، بإرسال شعاع ضوئي، من خلال فتحتَين ضيقتَين، إلى شاشة. فإذا كانت طبيعته غير موجية، فإنه يظهر على الشاشة، كنقطتَين ساطعتَين ضيقتَين، كل واحدة منهما تخرج من فتحة. لكن الواقع، أنه عندما يخرج الضوء من كل فتحة، فإنه ينتشر مع الضوء الآخر، وتمتلئ الشاشة بخطوط مضيئة وأخرى معتمة، تسمى الأهداب. تتكون أهداب لامعة، عندما تصل الموجتان، قمة مع قمة، لتعطيا تداخلاً بَنَّاءً. وتتكون أهداب معتمة، عندما تصل الموجتان، قمة مع قاع، لتعطيا تداخلاً هداماً. 4. الحُيُوْدُ ينتشر الضوء، الذي يمرّ عبْر كل فتحة في تجربة يونج، ويسمى هذا النوع من الانتشار الحُيُوْدُ. فالحُيُوْدُ، كما في التداخل، ناتج من الحقيقة، التي تنص على أن الضوء، يتصرف كموجة. وتنتشر موجة الضوء قليلاً، عندما تسير من خلال فتحة صغيرة، أو حول جسم صغير، أو تمرّ من خلال حافة. وتنتشر، كذلك، موجات المياه، لكن الفتحات والأجسام، التي تسبب الانتشار، يجب أن تكون أكبر من تلك التي في حالة الضوء. ويمكن أن يكون حُيُوْدُ الضوء أمراً مزعجاً. افترض أنك حاولت رؤية جسم صغير جداً، بوساطة مجهر ذي كفاءة عالية. فكلما ازدادت قدرة التكبير لرؤية الجسم عن قرب أكثر، فإنه تبدو على حافات الجسم غشاوة. وكل حافة مُغَشَّاة، سببها أن الضوء ينكسر، عندما يمرّ من خلال الحافة، في طريقه إلى العين. من ناحية أخرى، يخدم الحُيُوْدُ دراسة ألوان شعاع الضوء، إذا استخدمت نبطية، تسمى محزوز الحُيُوْدُ. ويحتوي المحزوز على آلاف الفتحات النحيفة، التي تعطي الضوء. يحيد كل لون في الضوء بكمية مختلفة قليلاً، وانتشار الألوان بهذا الكبر، يجعل في الإمكان رؤية كل لون. ويستخدم محزوز الحُيُوْدُ في التليسكوبات، التي تفصل الألوان في الضوء القادم من النجوم، وهذا يُمكِّن العلماء من دراسة المواد، التي تتألف منها النجوم. 5. التَشَتُّت (التقزح) هو فصل الضوء إلى ألوانه. فإن تشتُّت الضوء الأبيض، يفصل الألوان في الطيف المرئي الكامل. وإحدى طرق تشتيت الضوء، هي إرساله من خلال منشور. فالألوان المختلفة، تنكسر بقيم مختلفة؛ ولذلك، تنفصل الألوان. والحيود والاستطارة، يمكنهما، كذلك، تشتيت الضوء (أُنظر شكل الضوء الأبيض والطيف المرئي). 6. الاستقطاب يتضمن ترددات (التغيرات المنتظمة القوة) الحقول الكهربائية، التي تؤلف موجات الضوء. ويمكن تحديد اتجاهات الترددات، بوساطة الأسهم. وفي معظم الضوء المرئي، تتخذ الأسهم اتجاهات متعددة، وتكون عمودية على مسار الشعاع. ومثل هذا الضوء، يكون غير مستقطب. ويبقى عدد قليل من هذه الأسهم، ينعكس من الأسطح، عند زاوية معينة، أو يستطير من جزيئات الهواء. وإذا كانت الأسهم تشير في اتجاه واحد، أو اتجاه معاكس له، فإن الضوء يكون مستقطباً. افترض عندما ينعكس ضوء الشمس من الطريق إليك، أن أسهمه تشير إلى يسارك، تحتوي على مصفيات الاستقطاب، فهذه تمنع الضوء من التذبذب، شمالاً أو يميناً. 7. التأثيرات الكيماوية للضوء (أُنظر شكل تغيرات الضوء الكيمائية) يمكن طاقة الضوء تغيير أسطح المواد، كيماوياً، من خلال امتصاصها. فعلى سبيل المثال، يغيّر الضوء، كيماوياً، جزيئات حبيبات الفضة للفيلم الضوئي؛ ولذلك، يمكن تسجيل الصورة عليه. ويمكن الضوء القوي، أن يجعل ألوان الأقمشة شاحبة بتغيير صبغتها، كيماوياً. وشبكية العين تتغير، كيماوياً، بوساطة الضوء؛ ولذلك، فإن الشبكية تنتج إشارات، بالنسبة إلى البصر. والضوء عامل ضروري للتركيب الضوئي في النباتات، ويمثل العملية اللازمة لإنتاج الغذاء. 8. الظاهرة الكهروضوئية والموصِّلية الضوئية (أُنظر شكل الظاهرة الكهروضوئية للضوء) عندما تمتص مواد معينة الضوء، فإن طاقته تحرِّر الإلكترونات الحرة، في بعض الأجهزة، من خلال دائرة، في صورة تيار كهربائي. وتعمل الخلايا الشمسية، والخلايا الكهروضوئية، بوساطة التأثير الكهروضوئي. وتسمى بعض المواد موصِّلات ضوئية، وتصبح موصلات جيدة للكهرباء، عندما يسلط عليها الضوء.
يقيس العلماء الطول الموجي للضوء، بمقاييس متنوعة، من الوحدات المترية والإمبراطورية. وإحدى الوحدات المترية المعروفة، هي المايكروميتر، الذي يساوي 0.000001متر. والطول الموجي للضوء، في الطيف المرئي، محصور في المنطقة، من نحو 0.4 مايكروميتر للبنفسجي الغامق، إلى نحو 0.7 مايكروميتر للأحمر القاني. والتردد لأي موجة، يساوي نسبة سرعتها إلى طولها الموجي، ويقاس بوحدات، تسمَّى الهرتز. فالموجة لها تردد، يساوي هرتزاً واحداً، إذا كانت قمة واحدة، تمرّ من خلال نقطة محددة، في كلِّ ثانية. والموجة لها تردد، يساوي 100 هرتز، إذا كانت 100 قمة، تمرّ من خلال نقطة محددة للقياس، في كلِّ ثانية. يسير الضوء في الفراغ بسرعة 300 مليون متر، في الثانية، تقريباً. ولأن للضوء المرئي طولاً موجياً قصيراً، وسرعة عالية، فإن تردده يكون عالياً؛ فتردد الضوء البنفسجي، مثلاً، يساوي 750 مليون هرتز
استخدم العلماء وحدات مختلفة، في قياس سطوع مصدر الضوء، وكمية الطاقة في الشعاع الآتي من ذلك المصدر. تسمى كمية الضوء، المنتجة بوساطة أي مصدر ضوئي، شدة الاستضاءة لذلك المصدر؛ والوحدة المستخدمة في قياسها تسمى الشمعة. واتُّخذت شدة الاستضاءة، المنتجة بوساطة شمعة بحجم معين، مصنوعة من زيت الحوت، لسنوات عديدة، وحدة قياس ثابتة، وسُميت هذه الوحدة الشمعة؛ ومع ذلك، لم توفر شمعة زيت الحوت استخداماً بسيطاً وثابتاً، لقياسات الضوء. وتعرف الشمعة الواحدة، الآن، بأنها كمية الضوء المنطلقة من مصدر، ينبعث عند تردّد محدّد، (540 مليار هرتز)، وعند شدة محددة، (1/683 واطاً، لكل وحدة مساحة، تسمى ستيراديان). ولا تشير شدة ضوء المصدر، بالشموع، إلى مدى سطوع الضوء، عندما يصل إلى سطح جسم، مثل كتاب أو منضدة. وقبل قياس كثافة التدفق الضوئي، أو الدفق الضيائي (الضوء الساقط على السطح)، يجب قياس مسافة انتقال الضوء، من خلال الفراغ بين المصدر والجسم. ويمكن قياس شعاع الضوء بوحدة، تُسمى لومن. ولمعرفة كيفية قياس اللومن، تصوّر أن هناك مصدراً ضوئياً، في وسط تجويف كروي، وفي سطحه الداخلي مساحة، تساوي مربع نصف قطر الجسم الكروي. فإذا كان نصف القطر متراً واحداً، على سبيل المثال، وكان مصدر الضوء ذا شدة إضاءة، تساوي شمعة واحدة، فإن المساحة المقطوعة، ستحصل على فيض ضوئي (سرعة تدفق الضوء) يُقدَّر بلومن واحد. ويقيس المهندسون، في النظام المتري، كثافة التدفق الضوئي، بوحدات، تُسمى لكس. وتنتج كثافة تدفق ضوئي، مقدارها لكس واحد، لومناً واحداً من الضوء، على مساحة متر مربع واحد. ويستخدم في النظام الإمبراطوري، وحدات، تُسمى قدم ـ شمعة. وتنتج كثافة تدفق ضوئي، مقدارها قدم ـ شمعة واحدة، لومناً واحداً من الضوء، يسقط على مسافة، مقدارها قدم مربعة واحدة. تتغير شدة الضوء الساقط على مساحة، عكسياً، مع مربع المسافة بين المصدر والسطح. ولهذا، إذا ازدادت المسافة، قلّت كثافة التدفق الضوئي بمقدار مربع تلك الزيادة، وتُسمّى هذه العلاقة بقانون التربيع العكسي. فإذا كان السطح يحصل على لكس واحد من الضوء، على بعد مسافة من المصدر، مقدارها متر واحد، ثم أزيح لمسافة مترَين مربعَين من المصدر، فإنّ هذا السطح، سيحصل على لكس من الضوء؛ لأن الضوء سينتشر، خارجاً من المصدر على الرغم من أن الضوء يبدو، لحظة رفع ستارة النافذة كأنه ينتقل خلال الغرفة، فإنه، في الحقيقة، يستغرق بعض الوقت للانتقال عبْر مسافة. وسرعة الضوء، خلال الفراغ، الذي لا تعطّل فيه الذرات انتقاله ـ هي 299.792 كم/ث. ويقال عن هذه السرعة، إنها ثابتة؛ لأنها لا تعتمد على حركة مصدر الضوء. فعلى سبيل المثال، تكون للضوء المنبعث من مشعل كهربائي متحرك، السرعة نفسها للضوء المنبعث من مشعل كهربائي ثابت. ولا يعرف العلماء كُنْه هذه الحقيقة، وهي واحد من أُسُس نظرية أينشتاين في النسبية. اختلف الناس، منذ القدم، في سرعة الضوء: أهي محددة أم لانهائية. ولكن عالم الطبيعة الإيطالي، جاليليو، صمم، في أوائل القرن السابع عشر الميلادي، على تجربته لقياس سرعة الضوء، ليحسم الأمر. فأرسل أحد مساعديه إلى هضبة بعيدة، موصياً إياه بفتح غطاء "فانوس" يحمله، عندما يشاهد جاليليو، واقفاً على هضبة أخرى. وكان هدف العالم الإيطالي، أنه بمعرفته للمسافة بين الهضبتَين، يستطيع حساب سرعة الضوء، بوساطة قياسه للزمن، بين لحظة فتحه الغطاء ولحظة رؤيته ضوء "الفانوس" الثاني. وفشلت التجربة، على الرغم من أن تفكير جاليليو، كان معقولاً؛ إذ أن سرعة الضوء العالية جداً، أفسدت عليه حسبان الزمن القصير. أتى الفلكي الدانمركي، أولاوس رومير، نحو عام 1675، بشواهد، برهنت على أن الضوء، ينتقل بسرعة ثابتة (محددة). ولاحظ رومير، خلال عمله في باريس، أن الفترة الفاصلة بين اختفاء أقمار المشتري خلف الكواكب، يتغير بتغير المسافة بين المشتري والأرض؛ فأدرك أن السرعة الثابتة للضوء، تسبب هذا الاختلاف في الوقت الفاصل. وأشارت ملاحظاته إلى أن سرعة الضوء الثابتة، هي 226 ألف كم/ث، ويمثل هذا الرقم 25% من السرعة الفعلية. وتوصل الفيزيائي الأمريكي، ألبرت مايكلسن، عام 1926، إلى واحد من القياسات الدقيقة لسرعة الضوء؛ إذ استخدم مرآة، تدور بسرعة، تعكس الشعاع الضوئي إلى عاكس بعيد. ثم إن الشعاع انعكس مرة أخرى إلى الملاحظ، من خلال المرآة الدوارة. ثبَّت مايكلسن سرعة المرآة، لترجع إلى الزاوية الصحيحة، في خلال زمن مسار الضوء إلى العاكس، ورجوعه مرة أخرى. سرعة المرآة، إذاً، تشير إلى سرعة الضوء. استخدم مايكلسن، في الحقيقة، عدة مرايا على أسطوانة، جعل زاوية دورانها، أثناء انتقال الضوء إلى العاكس ورجوعه، صغيرة. واستنتج من ذلك، أن سرعة الضوء، تساوي 266796كم/ث. ونسبة الخطأ المحتمل في هذا الرقم، أقلّ من أربعة كيلومترات، لكل ثانية.
الضوء غير المرئي (الأشعة فوق البنفسجية) هو شكل غير مرئي من الضوء. وتقع هذه الأشعة، مباشرة، بعد النهاية البنفسجية للطيف المرئي. والشمس هي المصدر الطبيعي الرئيسي للأشعة فوق البنفسجية، التي تنبعث، كذلك، من الصواعق أو من أي شرارة كهربائية أخرى في الهواء. ويمكن توليد هذه الأشعة صناعياً، بإمرار تيار كهربائي من خلال غاز أو بخار، مثل بخار الزئبق. ويمكن أن تسبِّب الأشعة فوق البنفسجية حروقاً شمسية. كما أن التعرُّض الزائد لهذه الأشعة، قد يسبب سرطان الجلد. ومن ناحية أخرى، فإن الأشعة فوق البنفسجية تُحطِّم الكائنات الحية الضارة، ولها تأثيرات مفيدة أخرى. والأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية، هي أقصر من نظيرتها في الضوء المرئي. والطول الموجي، أي المسافة بين قمتَين متتاليتَين للموجة، يقاس، عادة، بوحدات، تُسمى نانومترات، يساوي النانومتر واحداً من المليون من المليمتر. وتراوح الأطوال الموجية للضوء المرئي، بين 400 و700 نانومتر، بينما تمتد الأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية من 1 إلى نحو 400 نانومتر. وعند إضاءة مادة ما بالأشعة فوق البنفسجية، فإن مدى امتصاص الأشعة في المادة، أو النفاذ منها، يحدده الطول الموجي للأشعة. فعلى سبيل المثال، الأشعة فوق البنفسجية ذات الأطوال الموجية الكبيرة، يمكنها النفاذ من خلال زجاج النوافذ العادي. ويمتص الزجاج الأشعة فوق البنفسجية، ذات الأطوال الموجية الأقصر؛ مع أن هذه الأشعة، يمكنها أن تنفذ من خلال مواد أخرى. تُعَدّ الأشعة فوق البنفسجية، التي تقصر أطوالها الموجية عن 300 نانومتر، فعالة في قتل البكتريا والفيروسات. وتستعمل المستشفيات مصابيح مبيدة للجراثيم، تولِّد هذه الأشعة القصيرة، لتعقيم الأجهزة الجراحية، والمياه، والهواء في غرف العمليات. كذلك، يستخدم كثير من شركات المواد الغذائية والأدوية، هذه المصابيح، لتطهير الأنواع المختلفة من المنتجات وعبواتها. ويؤدي التعرُّض المباشر للأشعة فوق البنفسجية، التي تقصر أطوالها الموجية عن 320 نانومتراً، إلى توليد فيتامين د (D) في الجسم البشري. واستخدم الأطباء، ذات مرة، المصابيح الشمسية، التي تولِّد الأشعة فوق البنفسجية، لمنع كساح الأطفال ومعالجته؛ ذلك المرض الذي يصيب العظام نتيجة نقص فيتامين د (D) وتُستخدم هذه المصابيح، اليوم، في معالجة بعض الاضطرابات الجلدية، مثل حبُّ الشَّباب والصدفية. ويستعمل بعض أجهزة الأشعة فوق البنفسجية، لتعرّف التركيب الكيماوي للمواد المجهولة. ويستخدم الباحثون من الأطباء هذه الأجهزة، لتحليل بعض المواد في الجسم البشري، بما في ذلك الأحماض الأمينية والإنزيمات والبروتينات الأخرى. وفي صناعة الإلكترونيات، تُستخدم الأشعة فوق البنفسجية، ضمن مراحل صناعة الدوائر المتكاملة. الأشعة فوق البنفسجية، الصادرة عن الشمس، التي تقصر أطوالها الموجية عن 320 نانومتراً ـ هي ضارة بالكائنات الحية خاصة. فالتعرض الزائد لها، يمكن أن يسبب تهيجاً مؤلماً للعين، أو التهاباً. وتقي العين من هذه الأشعة النظارات الشمسية، العالية الجودة. كما يسبب التعرض الزائد لها حروقاً مؤلمة. ويوفر الملانين (القتامين)، وهو خضاب بنّي اللون في الجلد، بعض الوقاية ضد الحروق الشمسية. وتمتص الغسولات الحاجبة للشمس، تلك الأشعة الحارقة. والتعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية، لمدة طويلة، يمكن أن يؤدي إلى سرطان جلدي، وإلى تغيُّرات أخرى في الخلايا البشرية. كما يمكن أن يؤدي، كذلك، إلى تدمير النباتات أو قتلها. ويمتص غاز الأوزون، وهو واحد من صور الأكسجين، في طبقات الجو العليا، معظم إشعاع الشمس فوق البنفسجي؛ ولولاه لربما دمرت الأشعة فوق البنفسجية، معظم الحياة، الحيوانية والنباتية.
من الناحية العلمية، تعدّ الأجسام، التي لها درجات حرارة أعلى من الصفر المطلق،أى -273 درجة مئوية، مصدراً للطاقة، في حيز الأشعة تحت الحمراء. وعموماً، فإن الأشعة تحت الحمراء هي منطقة من الطيف الكهرومغناطيسى، تبدأ من الحدود السفلى للون الأحمر، وحتى حدود الترددات الخاصة بالميكروويف microwaves، في حيز الموجات تحت الملليمترية. ومن المعروف أن حساسية العين للرؤية، تقع في نطاق الأشعة المرئية، التي طولها الموجي من 0.35 - 0.77 ميكرون. والضوء هو موجات كهرومغناطيسية، سرعتها 300 ألف كم في الثانية. وتنقسم الموجات الكهرومغناطيسية، حسب الطول الموجي، والتردد، إلى نطاقات Bands طيفية، تختلف فيها المواصفات الطبيعية. وهذه النطاقات الطيفية هي : الأشعة الكونية Cosmic Rays ـ أشعة جاما ـ أشعة أكس ـ الطيف الضوئي ـ الميكروويف ـ موجات الراديو. وينقسم الطيف الضوئي إلى ثلاثة أقسام رئيسة حسب الطول الموجي كالآتي: أ. من 0.01: 0.35 ميكرون أشعة فوق البنفسجية، غير مرئية. ب. من 0.35: 0.77 ميكرون أشعة الضوء المرئي. ج. من 0.77 ميكرون وحتى 1 مم، الأشعة تحت الحمراء، غير مرئية. وينقسم الضوء، حسب الطول الموجي، إلى الألوان التالية بالترتيب: بنفسجي/ سماوي/ أزرق/ أخضر/ أصفر/ برتقالي/ أحمر. 2. نطاقات الأشعة تحت الحمراء تنقسم الأشعة تحت الحمراء إلى ثلاثة نطاقات هي: أ. من 0.77: 2.5 ميكرون، نطاق قريب. ب. من 2.5: 5.6 ميكرون، نطاق متوسط. ج. من 5.6: 1000 ميكرون،نطاق بعيد. 3. نوافذ الأشعة تحت الحمراء عند انتشار الأشعة تحت الحمراء في الغلاف الجوي، فإنها تتعرض للامتصاص والتشتت، بسبب وجود جزيئات من بخار الماء، والأكسجين، والأوزون، وثاني أكسيد الكربون. وتأثير بخار الماء يقل مع الارتفاع عن سطح الأرض، حيث تقل نسبة تواجده في الغلاف الجوي مع الارتفاع عن سطح البحر.